تطبيق التقييم العقاري .. الرابحون والخاسرون
استبشر العقاريون في المملكة بموافقة مجلس الوزراء على انشاء هيئة المقيمين المعتمدين والتي يتوقع ان تقوم بدور فاعل في ارساء القواعد لمهنة تعاني من اجتهادات الدخلاء عليها، هذه المهنة التي يصنفها المختصون بأنها حجر الزاوية في صناعة العقارات ككل والتمويل العقاري بشكل خاص، منها يتم تقييم العقار بقيمته العادلة واعطاء كل ذي حق حقة دون زيادة في القيمة او بخس لثمنها السوقي ، ومنها ايضا يتم حفظ الموارد المالية للدولة من التبذير والاسراف نتيجة التعويض غير المنصف للعقارات المقتطعة للمصلحة العامة والتي قد تكون تم تقييمها على اسس غير علمية تتقاطع معها المصالح الخاصة احيانا والمنافسة في احيان اخرى.
وبالامس القريب اصدر معالي وزير التجارة رئيس هيئة المقيمين المعتمدين قرار بتشكيل مجلس ادارة الهيئة والذي ضم عددا من المختصين في الشان العقاري في المملكة من الوزارات ذات العلاقة و من الممارسين لها من عقاريين وقانونين ومصرفيين وكذلك من الهيئات المرتبطة بها كهيئة المحاسبين القانونيين وغيرهم. السؤال الذي يطرح هنا ما هو المنتظر من مجلس ادارة الهيئة للنهوض بهذه الصناعة على المستوى الوطني ككل؟ ومن هم الرابحون والخاسرون من اقرار معايير التقييم والرقابه ؟
قبل الاجابة على هذين السؤالين لابد اولا من الانتباه الى الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها السوق العقاري في الوقت الحاضر ، فعدم وجود معايير واضحة ومطبقة للممارسين العقاريين اوجد خلالا كبيرا في السوق ، نتج عنه ان اصبحت مهنة العقارات ووساطتها مثلا مهنة من لا مهنة له، وهذا الوضع اوجد ممارسين غير مهنيين لا يساعدون حقيقة على قيام صناعة عقارية على اسس صلبة ناهيك عن المساعده على الحفاظ على الثروة العقارية وثروات المواطنين، وانما تبرز بين الحينة والاخرى اجتهادات لهم قد تخطئ وقد تصيب وقد تتسبب في مضاعفات غير محمودة يعاني منها شريحة غير قليلة من المواطنين حاليا كالمساهمات العقارية المتعثرة، تلك المساهمات نتجت بالاساس من عدم وجود انظمة تضبط عملها وعمل الممارسين لها في ذلك الوقت، ودليل ذلك انه بعد ان تم اقرار نظام الصناديق العقارية لم نسمع بعدها عن صناديق متعثرة كما كان سابقا لخروج الممارسين غير المحترفين منها.
انه من المنتظر من مجلس ادارة الهيئة ان يقوم باقتراح تعديل القوانين ذات العلاقة بالتقييم العقاري كنظام ممارسة العمل العقاري، والذي تم مناقشته مؤخرا في مجلس الشورى بحيث لايتم تقديم مشوره البيع او الشراء الا بعد رجوع المالك او المشتري الى قواعد بيانات منشوره ومتاحة الكترونيا للجميع، هذه البيانات لابد ان تحدد السعر الاعلى والادنى والمتوسط في منطقة معينه بناء على بيانات جهه ناشره لها كوزارة العدل مثلا ، والتي تقوم حاليا بنشر بياناتها المستقاة من عمليات كتابات العدل على موقعها الالكتروني بشكل شمولي دون تفاصيل تذكر، و تحتاج الى تطوير اكبر ليشمل مناطق اكثر حتى الوصول الى تقييم عادل لعقار معين في تاريخ معين، لتحقيق هدف الشفافيه والوضوح وفق المعايير المعترف بها في التقييم كمعيار الدخل والتكلفة والمقارنة بالعقارات المشابهه.
هذه الاساليب هي نفسها المعمول بها في الدول التي سبقتنا ومنها الولايات المتحدة الامريكية حيث يستطيع اي شخص ان يقوم بعمل بحث عن قيمة العقارات في منطقة محددة الكترونيا ومن ثم الحصول على القيمة الاكثر احتمالا للعقار في موقع محدد وعمر وحالة محددين للعقار المراد تقييمه مجانا، بالاضافة الى امكانية الاستعانة بممارسين محترفين على قدر عال من الكفاءة لتقييم العقار تقييما عادلا يتم بعده محاسبة المقيم اذا تجاوزت نسبة خطأ التقييم الحدود المنصوص عليها نظاما سواء بالزيادة او النقصان.
ان مهنة التقييم العقاري ستكون بعون الله المحرك الاساسي لصناعة العقارات في المملكة، ولذلك لابد ان تطبق باحترافية للمساعده على تسكين اسعار العقار في مكانها المناسب، ومنه سنضمن باذن الله نجاح تطبيق نظام الرهن والتمويل العقاري والذي سيعمل به قريبا ، اننا جميعا رابحون وطنا ومواطنون في تطبيق التقييم باحترافية، وجميعنا خاسرون بعدم تطبيقة ايضا.