أوهام السعوديين
حذر الدكتور عبد الله دحلان في منتدى جدة الاقتصادي، من انفجار أزمة الإسكان في المملكة. حتى المنزل الصيني الضيق أصبح يشكل (وهماً) صعب المنال للمواطن السعودي رغم وجود أراض كثيرة شاسعة لم يتم استثمارها إلا ربما من قلة قليلة. نسيت أن أذكر أن مساحة السعودية تعادل مساحة مجموع 12 دولة أوروبية.
بغض النظر عن الضيف الذي هاجمه الدكتور دحلان بسبب مطالبته بإلغاء الجلسة الأولى في المنتدى، وكذلك لقطة غفوة الوزير، لدي شعور بأن توصيات المنتدى ينتهي بها المطاف في أدراج الأثاث القديم ثم تتحول من آمال إلى أحلام ثم (أوهام) مثل التوصيات السابقة. الفائدة الوحيدة من المنتدى هي التعارف وتبادل الـ "بزنس كاردز" وربما بعض اللقطات التلفزيونية.
السعودة "الوهمية" لا تعترف بنطاقات وزارة العمل بكل ألوانها أو تهديداتها بفرض عقوبات على الشركات المخالفة. "موهوم" من يعتقد أن منع تأشيرات استقدام ورخص عمل والسماح للعاملين فيها بالانتقال لمنشآت أخرى سيوقف رجال الأعمال عن بسط سيطرتهم على السوق. نسيت أن أذكر أن ــــ حسب إحصائيات وزارة العمل ــــ لدينا أكثر من 644 منشأة على مستوى السعودية تمارس السعودة "الوهمية".
وطالما أن الحديث عن القطاع الخاص، أسعدني خبر إحالة وزارة العمل لعددٍ من الموظفين وأصحاب المنشآت ممن تدور حولهم شبهات قضايا فساد وإصدار تأشيرات بطرق غير نظامية إلى الجهات الأمنية. إذا كان التحقيق سيأخذ مسار تحقيق سيول جدة، فإن مترو الرياض سيصبح جاهزاً قبل النتائج بفترة طويلة. لا ألومهم، ربما التأخير نتيجة تداعيات العصر الذهبي الذي تمر به المنطقة.
- اطلعت على ملخص التقرير السنوي الأخير لوزارة الخدمة المدنية وهالني أن لدينا أكثر من 155 ألف وظيفة شاغرة في القضاء والادعاء العام والصحة والتعليم والهيئات والصناديق والمؤسسات العامة والهندسة والحاسب الآلي التي لم تشغل بعد. طيب ماذا عن مئات ألوف الخريجين الجامعيين من الذكور والإناث العاطلين عن العمل، هل هذه كلها إحصائيات "وهمية"؟ هل هكذا ننطلق للعالم الأول؟
- الشهادات الأكاديمية غير المعتمدة والجامعات "الوهمية" وجدت طريقها أيضاً إلى الوطن وتمت تعريتها من خلال الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي وأخيراً مجلس الشورى. المجلس لم يأل جهداً فاستنفر قواه مشكوراً ونفذ تجربة إخلاء "وهمي" في قاعة الجلسات العامة.
- بلغني أن رجال هيئة الأمر بالمعروف في معرض الكتاب كانوا على خلق كريم يشكرون عليه في تعاملهم مع دور النشر والكُتاب والزوار. "الوهم" لدى السعوديين أن المحتسبين سيخلقون الفوضى في المعرض غير صحيح، والدليل هو أن بعض المحتسبات وزعن الحلوى "المغلفة" على الزوار، تلتها جولة مكوكية لأحد الدعاة مع مجموعة شابة من خارج الهيئة داخل المعرض، ما أشاع المودة والبهجة بين الحضور.
- الزميلة شريفة الشملان تتساءل في مقالها، يحق أن نسأل من يمثل المجتمع: الفرد أم الأسرة؟ وإذا كانت الأسرة موافقة وهي التي سمحت لابنتها بقيادة السيارة فهل لا تكفي موافقتها، إذاً ما هو المجتمع؟ يبدو يا شريفة أن المجتمع شماعة نعلق عليها "أوهامنا" التي لا نجد لها حلاً.