لا يتجاوز الزواج «ضربة الحظ»!
إن سلوك الإنسان هو ما يعبر عن منهجية الفكر لديه وهو القناة التنفيذية التي تدعم وصول الفرد إلى أهدافه وتحقق مراده، وإذا كان التخطيط عملية عقلية داخلية، فالسلوك هو عملية خارجية يراها الجميع ويلمس نتائجها المحيطون بالشخص، وكثيرة هي التصرفات أو السلوكيات التي لا يخطط لها الإنسان على الرغم من أن التفكير بها أمر واجب وضروري، وهذا لا يتعارض مع إرادة الله - عز وجل - أو القضاء والقدر، ولكن العمل بالأسباب هو أمر مهم، ولقد جاءت الشريعة الإسلامية لتدعم عملية عمل الإنسان بأسباب النجاح والكفاح المستمر من أجل الحصول على أفضل النتائج في كل اتجاهات الحياة بشكل عام، بل وفي داخل إطار الزواج تحديدا، حيث يعتبر الزواج من المراحل المهمة في حياة الفرد وهو منعطف غير بسيط لكل من يعرف كيف يقدر حياته ويقدر حياة الآخرين، وهذا عكس ما قد يصف البعض عندما يشبهون الزواج على أنه ليس أكثر من تجربة قد تكون قابلة للنجاح وقابلة للفشل، بل البعض الآخر ينظر لها على أنها نوع من ضربة الحظ وهذه المعتقدات الفكرية النفسية هي التي تهيئ تجربة الزواج للإخفاق خاصة في السنة الأولى من سنوات الزواج، حيث تتصادم سمات الشخصية بين الزوجين فلكل منهما حياته الخاصة قبل الزواج، أما بعد الزواج فإن عملية التمازج الشخصي قد تجد حواجز كبيرة من الإعاقات، الأمر الذي يدفع كلا الزوجين أو أحدهما إلى الندم على خطوة الزواج، وهذا يعني أن الصعوبة المبدئية في التوافق النفسي كفيلة باختيار الطريق الأقصر وهو الطلاق، وفكرة الطلاق لا بد أن تعالج فكريا وليس سلوكيا من قبل الأسر أو المجتمع المحيط، الذي دائما يقدم على علاجها بلا تخطيط، أو بالأصح بصورة عشوائية.
ولعل التوعية في هذا الجانب هي أمر غاية في الأهمية، فقد جاءت موافقة مجلس الوزراء الموقر على اقتراح عقد دورات توعوية للمقبلين على الزواج تشرف عليها وزارة الشؤون الاجتماعية، ترجمة حية لما يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين من اهتمام بجميع ما يتعلق بقضايا الأسرة وحل المشكلات والصعوبات التي تواجهها، وعلى أرض الواقع نحن فعلا في أمس الحاجة إلى تلك المشروعات التي تتناول شؤون الأسرة، ليس فقط لتفادي مشكلات الطلاق الفعلي فحسب، بل حتى الطلاق العاطفي والانفصال النفسي الذي يدهم كثيرا من الأسر ويسبب كثيرا من النتائج السلبية للأبناء، وليت الأمر ينعكس على الأسرة فحسب، بل إن المجتمع يدفع أيضا ثمن التفكك الأسري فتتسرب المشكلات الأسرية إلى المجتمع على هيئة انحرافات سلوكية مختلفة، منها الجريمة والانحرافات الأخلاقية بكل أنواعها، وهذا يعني أن استقرار الزوج والزوجة يولد أبناء يحملون كثيرا من الاستقرار النفسي الذي يوجد الحصانة النفسية الناتجة عن الاستقرار داخل المنزل الأسري خاصة في الزمن الحاضر.