الأحد, 4 مايو 2025 | 6 ذو القَعْدةِ 1446


«سيلفر الأصلي» .. مبدع لبناني يعاني الإحباط

لن ينسى جيل ثمانينيات القرن الماضي ذلك الصوت الذي طبع شخصية ''القبطان جون سيلفر'' في المسلسل الكرتوني المدبلج ''جزيرة الكنز''، تلك الرواية البريطانية التي لقيت صدى واسعا بعد تصويرها وعرضها على شاشات العالم.
صورة القبطان سيلفر الكرتونية في الذاكرة تتزين بأكثر من لون مع مرافقة دائمة من طائر الببغاء على كتف هذا الرجل الأعرج ذي الكاريزما العالية. وخلف تلك الصورة ثمة أصوات دوبلاج بكل اللغات رسخت هذه الصورة الواثقة لهذا المحارب الشجاع الذي قطع البحار بحثا عن الكنز، غير أن الصوت العربي الذي جسد الشخصية ودبلجها للعالم العربي يرزح الآن تحت وطأة الإحباط الذي قاده لاعتزال العمل الفني والتفرغ لأسرته ومحبيه.
عبد الواحد زنتوت فنان لبناني يملك صوتا ذهبيا أهله لدخول المجال الفني في العام 1960 ليختار اسما فنيا جديدا هو وحيد جلال، ليصبح الاسم الأخير مرادفا لأسماء فنية عظيمة في المشهد الفني اللبناني الذي عاش فترة ذهبية بين الستينيات وأواسط السبيعينات حيث اندلعت الحرب الأهلية.
الفترة الذهبية للفن اللبناني خصوصا في مجال الإذاعة والتلفزيون التي استمرت لنحو 15 عاما وضعت اسم وحيد جلال بين أسماء فنية كبيرة من بينها عبد المجيد مجذوب وجهاد الأطرش وصنيفر ووفاء طربية وألفيرا يونس، إلى جانب فنانن كبار سبقوا في هذا المجال من بينهم رشيد علامة الذي تخصص في البرامج والمسلسلات ذات البعد التوجيهي.
وقد ألقت الحرب الأهلية اللبنانية بظلالها على مناحي الحياة كافة في لبنان لتكسد بضاعة الفن في مقابل تجارة السلاح ، ويتوزع فنانو لبنان إلى جهات الإنتاج الفني المختلفة في العالم العربي، وليبقى آخرون في بلد يعاني ويلات الحرب مكتفين بالدبلجة، لتصبح بيروت إحدى أربع مدن عربية ازدهرت فيها عمليات الدوبلاج للبرامج والمسلسلات الأجنبية لتنضم إلى القاهرة وعمان والكويت.
وتحول الفنان الذي بدأ مذيعا لبرنامج مسابقات على تلفزيون لبنان، ثم ممثلا أتقن الأدوار البوليسية، إلى الدوبلاج ليستخرج من أعماق صوته مكنونات الإبداع فيصبها مباشرة في الشخصيات الكرتونية التي قدمها للأطفال حيث قدم شخصية ''فرفور'' في ''زينة ونحول'' وهو الكائن الذي يقدم المساعدة دوما للنحلة الحائرة ''زينة''، ثم يطبع بعد ذلك قوة صوته في الشخصية الأكثر جاذبية ''جن سيلفر'' الذي حير الصغار بين كونه قبطانا أم مجرد قرصان من القراصنة الذين ملأوا بحر القصة فائقة الجذب. لم يظهر وحيد جلال كثيرا على شاشات التلفزيون، ولم يحتف كثيرا بإبداعاته، لكنه خرج في لقاءاته الإعلامية القليلة محبطا من فنون لا ترقى لتلك الفنون التي تعلق بها صغيرا وخبرها كبيرا ليختار عائلته والركون إليها بعيدا عن زحمة فضاء مكتظ بالضجيج.
ما يثير العجب في قصة نجومية وحيد جلال التي تآكلت مع الزمن هو خروج شاب سعودي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة عبر خدمة ''الكيك'' التي تمنح لمشتركيها دقائق تصوير ينشرون من خلالها رسائلهم وإبداعاتهم، ليقلد شخصية سيلفر التي أسرت الكثيرين، ليقتنص الشاب السعودي في أيام معدودات ما سعى جلال لاقتناصه عبر مشوار فني طويل لكن الشاب السعودي كان مسؤولا وهو يدخل عبر قدرته الفائقة على إتقان الدور ومن خلال الصوت القوي الحاضر وهو يقدم رسائل فنية وتوعوية نشرها عبر اليوتيوب وسط جماهير تلقتها إجمالا بالقبول.

الأكثر قراءة