وين نورة؟

عندما ينطلق مهرجان "الجنادرية" الأربعاء المقبل، تنطلق بذلك الاحتفالات الثقافية والتراثية والفنية. سيحط على أرضنا أكثر من 300 مفكر وأديب من مختلف دول العالم يشاركون بفكرهم لإثراء النشاط الثقافي للمهرجان. سنسمع ترانيم الآلات الموسيقية الشجية، سيحضر البعض ويغيب آخرون.
سأتحدث عن أهمية المشاركة النسائية في إحياء هذا التراث الحضاري الجميل، وتحديداً ثلاث سيدات يضعن بصماتهن البيضاء في "الجنادرية" هذا العام. سيفرح البعض ويغضب آخرون.
لم يأت اختيار عضوة مجلس الشورى الدكتورة ثريا عبيد لتكون شخصية العام في مهرجان "الجنادرية" من فراغ، فهذا التكريم جاء ليعزز دور المرأة القيادي في السعودية. عبيد - ابنة المدينة المنورة - ليست فقط أول شخصية نسائية يتم تكريمها في هذا المحفل، بل هي أيضاً أول فتاة سعودية تحصل على منحة خارجية لمواصلة دراستها في الخارج. غضب البعض من افتتاح مدارس للبنات، ولكن كلنا فرحنا عندما عدن من جامعات الخارج بأعلى الشهادات.
تدرجت عبيد في عدة مناصب في الأمم المتحدة، حتى أصبحت أول سعودية تتولى منصباً قيادياً في المنظمة، ثم دوّى صوتها عالياً أميناً عاماً مساعداً للأمم المتحدة. صفق لها العالم كله، بينما ما زال موضوع تقلّد المرأة الولاية العامة يؤرق الآخرين.
سنصفق لها أكثر، لماذا؟ "جنادرية" هذا العام ستمنح الدكتورة ثريا عبيد وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى. لم تعد المرأة السعودية قابلة للانقياد، أو أن تُسلَب منها عنوة، قوة الذات.
الاحتفال الفني لهذا العام هو أوبريت "قبلة النور"، وهنا سأتحدث عن شخصيتين نسائيتين بارزتين لهما الفضل في كتابة هذا العمل الحضاري الرائع. بعضنا سيطرب ويصفق، والبعض الآخر سينعى ويتوعد ويُنْذِر.
الشخصية الأولى هي الشاعرة الراحلة مستورة الأحمدي، التي وضعت بعض كلمات الأوبريت ولكن وافتها المنية قبل أن تتمتع بحضور المهرجان. قدرها أنها عانت ضعفا في عضلة القلب، وهي مَن كتبت:
دع هذه الدنيا لربٍ خلقها
واكفل فقلبك فرحة أحلام قصار
أما الشخصية الثانية فهي الشاعرة نجلاء جمال (معتزة) التي شاركت أيضاً في وضع كلمات أوبريت "قبلة النور". بدأت نجلاء بكتابة الشعر وهي في الرابعة عشرة من عمرها. لم تستوعب عائلتها موهبتها إلا في وقت متأخر. ها هي فرصتها الآن ليسمع الوطن كله ما خطته من باقات النرجس والياسمين.
لا تخلو أي فعالية وطنية من الشوائب. تصريح نائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان، عبد المحسن التويجري، بأنَّ "هناك أشخاصاً لا يرغبون في إقامة المهرجان، وقاموا بإشاعة الأكاذيب بتركيب صور غير صحيحة" لن يوقف المسيرة .. لقد تعودنا على أسمائهم وأقنعتهم الوهمية.
لن نقبل بأي استفزازات أو تجاوزات مهما كانت خلفيتها الأيديولوجية أو الفكرية.
لن يقبل المواطن أن يظل رهين بعض الأعراف البالية، ولن يسمح أن يعبث باحتفالاتنا بـ "قبلة النور" قلة من الغرباء.
سواء كانت مجموعات منظمة تتجمهر هنا أو هناك، أو حالات فردية لديهم وجهات نظر خاصة أو بعض الملاحظات، المواطن يمتلك من الوعي والحس والمعرفة والإدراك لدرء الشوائب.

من الأوبريت:
ولد يسأل: وين نوره؟
تجيب أمه: إيه نوره
كل بنت في وطنا اليوم نوره
اسم في مجد الوطن يفرض حضوره

عضو جمعية الاقتصاد السعودية

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي