عبد الرحمن يغمور .. مذيع العصر الذهبي للقناة الأولى
ظل الإعلان عن رؤية هلال شهر شوال وإعلان عيد الفطر المبارك مرتبطا عند من عايشوا فترة الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي بوجه المذيع المخضرم عبد الرحمن يغمور، الذي كانت تناط به آنذاك قراءة البيانات الأكثر إثارة لاهتمام الناس ليقرأها بصوت شجي وثقة الهادئ المطمئن. ولم يكن عبد الرحمن يغمور مجرد مدير عام للقناة الأولى في التلفزيون السعودي في تلك الفترة فحسب بل كان مذيعا مميزا يملك صوتا مؤثرا، طبعه على كثير من الأدعية الدينية التي كان ينتجها التلفزيون آنذاك، وغلف هذا الحضور الصوتي بصورة تلفزيونية حسنة تنبئ عن معادلة فضائية بارزة تستلزم الحضور الصوتي والتلفزيوني لأي نجاح فضائي.
وكانت بداية علاقة عبد الرحمن يغمور بالتلفزيون كممثل شارك مع عدد من رواد صناعة التمثيل في المملكة، الذين حاولوا بإمكانات متواضعة ترسيخ أرضية صلبة للدراما السعودية في المشهد العربي، لكن إمكاناتهم الفنية والمادية وقلة الخبرات الأكاديمية أجلت كثيرا هذا الحلم، ليخرج يغمور بمشوار لم يكن ناجحا مع التمثيل ليجد نفسه بشكل أكبر كمذيع جاد في قناة تلفزيونية وحيدة تلتف عليها جميع الأعين الباحثة عن الشاشة الفضية بسحرها الأخاذ في ذلك الحين، في بلاد تخطو حينها أولى خطواتها الإعلامية. تفرغ يغمور الذي بدأ يلمس عشقا كبيرا للعمل التلفزيوني في عام 1963/1383 ليعمل مخرجا ثم مذيعا ثم مساعدا لمدير عام البرامج في التلفزيون ليصبح لاحقا مديرا عاما له بعد انتقاله إلى الرياض.
ظلت فترة السبعينيات والثمانينيات تمثل عصرا ذهبيا ليغمور وجيل سعودي رائع من المذيعين الذين يصعب تكرارهم أمثال ماجد الشبل وغالب كامل وعوني كنانة -رحمه الله- إضافة إلى بدر كريم وحسين النجار.
هذا الجيل الذي انطلق وفق فرز صعب للموهبة والقدرة الصوتية إضافة إلى الثقافة اللغوية بدأ في الانحسار مع مطلع التسعينيات الميلادية ليغيب بعضهم عن المشهد ويتوارى البعض الآخر بشكل اختياري، فيما ساقت المتاعب الصحية جل الأسماء البارزة لتفضيل الرحيل بهدوء واختيار الانزواء في الظل بعيدا عن ضوضاء الصحافة ولجيج الأضواء.
تقاعد عبد الرحمن يغمور ليعود إلى مدينته جدة التي شهدت ولادته في عام 1936 لكن حبه للعمل ظل يسري في شرايينه لتزيد متاعبه الصحية في عام 2008، غير أنه اختار بعد ذلك أن يواصل السير بطريقته الخاصة في أن يبقى قريبا من عمله الذي أحبه وإن كان على شكل تقديم استشارات أو تسجيل خواطر خاصة.