جيمس هاردينج تأييد إسرائيل يضعه قائدا لـ 3 آلاف صحافي
على الرغم من أنه لا يتمتع بأي خبرة سابقة في مجال العمل التلفزيوني أو الإذاعي، اختير جيمس هاردينج، مديرا للأخبار والبرامج في هيئة الإذاعة البريطانية ''BBC'' أعرق مؤسسة إذاعية وتلفزيونية في العالم. هاردينج رئيس التحرير السابق لصحيفة ''تايمز'' البريطانية التي يمتلكها إمبراطور الإعلام العالمي روبرت مردوخ اعتبر في أول تصريح له أن توليه المنصب الجديد تشريف له.
أن غياب الخبرات التلفزيونية والإذاعية للمدير الجديد لا يقلل من تاريخه الصحافي الحافل رغم صغر سنه. فهاردينج البالغ 43 عاما صحافي بريطاني ينتمي إلى عائلة يهودية، فجده أحد المهاجرين اليهود الألمان إلى المملكة المتحدة، تخرج من قسم التاريخ في جامعة كامبريدج، ولموهبته في الكتابة وولعه بعالم اللغات – يتحدث اليابانية والصينية والألمانية والفرنسية - وقبل ولوجه إلى عالم الصحافة عمل ''كاتب خطب'' لأحد كبار السياسيين اليابانيين، وفي عام 1994 التحق بالعمل في صحيفة ''فاينانشيال تايمز'' الاقتصادية، عامين من العمل وكان يكلف بأول مهامه، وهي تأسيس المكتب الصحفي للجريدة في مدينة شنغهاي العاصمة التجارية للصين، وليتولى لاحقا مسؤولية مكتب الصحيفة في واشنطن على مدار ثلاث سنوات، وبحلول صيف عام 2006 قدم استقالته من ''فاينانشيال تايمز'' ليلتحق بصحيفة ''تايمز'' البريطانية رئيس تحرير القسم الاقتصادي، وخلال عام وببلوغه سن الـ 38 من العمر تولى منصب رئيس تحرير الصحيفة ليكون بذلك أصغر رئيس تحرير في تاريخ الصحيفة العريقة. وخلال رئاسته نجح في أن تحصل ''تايمز'' على جائزة الصحافة البريطانية عام 2008 باعتبارها صحيفة العام. إلا أن الرجل لا يخفي أن صعوده السريع في عالم الصحافة يعود إلى عوامل أخرى غير مهارته الصحافية، ويلخصها ''بدفاعه عن دولة إسرائيل'' رغم تأييده مبدأ الدولتين. ففي 14 نيسان (أبريل) عام 2011 وفي لقاء له في مركز الجالية اليهودية في لندن تناول موضوع الضغوط التي يتعرض لها رئيس تحرير يهودي مثله عندما تحتل إسرائيل عناوين الأخبار، فقال ''أنا أؤيد إسرائيل، وأؤمن بدولة إسرائيل، ولربما كانت المشاكل ستواجهني إذا كنت التحقت بصحيفة وأنا لدي تاريخ معاد لإسرائيل''. ومن المثير أنه سئل من قبل أحد الحضور حول كيف يقيم تغطية هيئة الإذاعة البريطانية تجاه إسرائيل، فكانت إجابته ''غرفة أخبار بي بي سي ليست من أنصار إسرائيل، وقد اتخذت الإدارة إجراءات لتحقيق التوازن''، مؤكدا ''أنه أمر محبط لأنه بخلاف صحيفة ''تايمز'' التي يمكنك أن تتوقف عن شرائها، فأنت تدفع لـ ''بي بي سي'' (في إشارة إلى أن تمويل بي بي سي يأتي من خلال دافعي الضرائب في بريطانيا).
جيمس''معروف بمعارضته السياسات التحريرية لهيئة الإذاعة البريطانية، وله أيضا العديد من الافتتاحيات في صحيفة ''تايمز'' - عندما كان رئيسا للتحرير - يهاجم BBC خلال الصراع بينها وبين مردوخ مالك ''تايمز''، الآن عليه أن يقود نحو ثلاثة آلاف صحافي من داخل مبنى بي بي سي الذي تكلف مليار جنيه استرليني لإنشائه، ''أعتقد أن هذا سيمثل تحديا كبيرا'' هكذا علق مسؤول رفيع المستوى في بي بي سي لـ ''الاقتصادية'' رافضا الإفصاح عن اسمه. وعلى الرغم من أن إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ لم يصرح أبدا لماذا أراد تغيير هاردينج من رئاسة تحرير ''تايمز''، إلا أن أحد الأسباب التي طرحت هو تراجع توزيع الصحيفة. فهاردينج يلام في الأوساط الصحافية البريطانية على عدم اتخاذه قرار التحرير الصائب بشأن تغطية موضوعات مثلت لاحقا قضايا رأي عام في بريطانيا وأثارت جدلا شديدا. هذا ومن المقرر أن يتولى هاردينج الذي سيحصل على راتب سنوي يقدر بـ 340 ألف جنيه استرليني سنويا (نحو مليوني ريال سعودي سنويا) مهام منصبه في 12 آب (أغسطس) المقبل، وسيقضي الأسابيع الستة المقبلة داخل بي بي سي للتعرف على المؤسسة والعاملين فيها والتخطيط لاختيار فريق العمل. ''التحدي الأكبر لا يتعلق برسم السياسات التحريرية على الأقل في الأمد القصير، فبي بي سي مؤسسة عريقة ومحافظة وتغيير السياسات التحريرية بها أمر صعب المنال، إنما التحدي الحقيقي يكمن في شقين: إدارتها في ظل الصعوبات المالية الراهنة مع الحفاظ على المستوى ذاته والنوعية من التغطية الصحافية، وإعادة ثقة الرأي العام فيها'' هكذا وصف تيم سايمون الصحافي البريطاني لـ ''الاقتصادية'' التحديات التي سيواجهها المدير الجديد ، فالمؤسسة الإعلامية التي تعد الأشهر في العالم تمر بأوقات عصيبة بعد اهتزاز ثقة الرأي العام البريطاني بها في أعقاب سلسلة من الفضائح كانت أبرزها المتعلقة بالمذيع السابق جيمي سافيل الذي تبين أنه ارتكب سلسلة من الانتهاكات الجنسية في حق الأطفال وأصحاب الاحتياجات الخاصة بعضها تم داخل غرف وأروقة بي بي سي.، إضافة إلى تفجر جدل جديد يتعلق بطلب مدرسة لندن للاقتصاد عدم بث حلقة عن كوريا الشمالية في برنامج ''بانوراما'' الشهير الذي يبث على شاشة بي بي سي، لأن مراسل البرنامج تظاهر بأنه أحد المشاركين في رحلة لبعض الطلبة لكوريا الشمالية وقام بالتصوير بشكل سري مما يعرض الطلاب البريطانيين في بيونج يانج لمخاطر مستقبلية، لكن استعادة الثقة وما تتطلبه من إجراءات لمزيد من الشفافية داخل المؤسسة، قد تصطدم بالصعوبات التي سيواجهها هاردينج في ظل الضغوط المالية التي تتعرض لها ميزانية بي بي سي التي تقدر حاليا بـ 3.6 مليار جنيه استرليني.