غانم الصالح 50 عاما انطلاقا من «صقر قريش» وحتى «باي باي لندن»
يعد الفنان الكويتي الراحل (غانم الصالح)، واحدا من أبرز أعمدة الفن والمسرح والدراما الخليجية، ومن الرعيل الأول الذين قامت على كواهلهم الحركة الفنية والمسرحية خصوصا في الكويت، حيث كان من مؤسسي فرقة المسرح العربي، وكان مثالا فنيا حقيقيا للالتزام والعطاء والتألق الفني.
ولد غانم الصالح في عام 1943 في مدينة الكويت، ليصبح في أواخر الستينيات الميلادية أحد الوجوه المتميزة في مسيرة الفن الكويتي حيث استطاع منذ بداية ظهوره على خشبة المسرح في أوائل الستينيات أن يحتل مكانة خاصة بين زملائه الفنانين محليا وخليجيا وعربيا.
وشارك الفنان غانم الصالح في أكثر من مسرحية ومسلسل تلفزيوني أولاها مسرحية «صقر قريش» مع فرقة المسرح العربي وهي من تأليف محمد تيمور وإخراج زكي طليمات، وساهم لاحقا في تأسيس فرقة المسرح العربي عام 1961 وكان قبل ذلك قد دخل مجال العمل في عام 1959 في وزارة العدل في محكمة الاستئناف العليا كسكرتير جلسة في الأحوال الشخصية والجنايات حتى عام 1964، وانتقل بعدها إلى تلفزيون الكويت وعين مساعدا لرئيس قسم التمثيليات ثم رئيسا للقسم حتى تقاعد عام 1983.
ومن أبرز محطات حياة غانم الصالح الفنية مسرحية «عالم نساء ورجل» و«ابن جلا» و«استارثوني وأنا حي» و«مضحك الخليفة» و«عشت وشفت» و«اغنم زمانك» و«الكويت سنة 2000» و«حط حيلهم بينهم» و«القاضي راضي».
كما شارك الصالح في عدد من المسرحيات الأخرى مثل «باي باي لندن» و«فرسان المناخ» و«أرض وقرض»، و«العزوبية»، و«مضارب بني نفط»، و«حرم سعادة الوزير»، و«ممثل الشعب»، و«البيت المسكون»، و«بيت بوصالح».
وشارك في عدد من الأعمال التلفزيونية والمسلسلات ومنها: «خالتي قماشة» و«إذا فات الفوت ما ينفع الصوت» و«القلب الكبير» و«أمثال شعبية» و«محكمة الفريج» و«الغرباء» و«قاصد خير» و«مرآة الزمان» و«يوميات متقاعد» و«الطير والعاصفة» و«البيت الكبير» و«خرج ولم يعد» و«أم البنات» و«ليلة عيد» و«أيام الفرج» و«أخوان مريم»..وكان للفقيد الصالح كذلك مشاركا في الأعمال الدرامية الإذاعية وبرامج حوارية أخرى، كما كان ذا حضور مبهج وإطلالة مميزة على القناة السعودية الأولى عندما قدم في أحد المواسم الرمضانية برنامج المسابقات الشهير (حروف).
وحصل الفنان الراحل الذي توفي في أواخر عام 2010 على الكثير من الجوائز وشهادات التقدير من جهات رسمية وشخصية وصحافية، منها شهادة إعلام من محطة لندن عام 1969، ودرع من المسرح العربي عام 1980، ودرع المبدعين عام 2003، وشهادة تقدير من مهرجان القاهرة السادس، وشهادة تقدير من مهرجان الخليج التاسع للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، وشهادة تقدير من قناة سما دبي وتلفزيون دبي عام 2008.
ولأن مواهبه فطرية بحسب آراء كثير من محبي الفن ومحترفيه، فإنه زاد على ذلك بأن صقلها بالممارسة المستمرة، فقد بدأت بواكير هذه المواهب تبرز منذ الصغر، حيث ظهر على خشبة المسرح، لأول مرة، عام 1952 ضمن فريق مدرسته في مسرحية «علي بن أبي طالب» وكان من رفاقه في تلك الفترة الفنان عبد الحسين عبد الرضا والفنان الراحل عبد الوهاب سلطان.
وغانم الصالح كان عرّاب نفسه، لأن جذوره الفنية بدأت منذ أيام المدرسة في الخمسينيات، عندما كان عمره ثماني سنوات، وكان أصحابه يرون فيه فنانا استثنائيا، فكان كما تنبأوا له.
ولا ينسى عشاق ومحبو الدراما الخليجية كثيرا من الأعمال التي قدمها الراحل، ومنها: مسلسل (الأقدار) في عام 1977م،
والمسلسل الشهير (خالتي قماشة)، الذي لعب الفنان غانم الصالح فيه دور أحد أبناء قماشة التي أدت دورها الفنانة حياة الفهد في المسلسل الشهير، حيث عرض المسلسل في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي في تلفزيون الكويت والقنوات الخليجية وحقق نجاحا كبيرا، ولا يزال يعرض بنجاح في العديد من الفضائيات والقنوات التلفزيونية، وهو من إخراج الراحل حمدي فريد، وشارك في بطولته عدد من الفنانين بينهم الراحل خالد النفيسي، وسعاد عبدالله، وحياة الفهد، والراحلة مريم الغضبان، والراحل علي المفيدي، ومريم الصالح، والراحل خليل إسماعيل، واستقلال أحمد، وعبد الرحمن العقل.
وشارك الفنان الكويتي المحبوب من كثير من أبناء الوسط الفني مشاركة مميزة في مسلسل (رقية وسبيكة)، الذي تدور أحداثه حول الشقيقتين رقية (سعاد عبد الله) وسبيكة (حياة الفهد) اللتين تعملان في سوق الحريم، وتتلقيان إعانة من وزارة الشؤون الاجتماعية، واللتين تلتقيان بالصدفة بـ (ذياب) غانم الصالح "سائق الوانيت" الذي يقع في حب سبيكة ويتزوجها. وتمضي أحداث المسلسل بعذوبة وتشويق.
أما المسرح، ففن أصيل وهو المدرسة التي تخرج نجوم الدراما التلفزيونية والسينمائية، وهو كذلك المجال الذي أبدع فيه غانم الصالح، ولا تزال مسرحيته (باي باي لندن) محل إعجاب الكثيرين، وتتناول المسرحيّة، قصة رجل كبير في السن سافر إلى لندن وانبهر بها ويبذل ابن أخيه جهده لينقذه من السارقين في لندن. والمسرحية لا تخلو من الرمزية والإسقاطات السياسية.
توفي غانم الصالح في أكتوبر من عام 2010م لتخسر الحركة الفنية الكويتية والخليجية برحيله أحد فرسانها الكبار، ونجومها الذين تركوا بصماتهم الواضحة، ولن تنمحي أسماؤهم بسهولة من الذاكرة.