المواطن العربي تحدى غرف الأخبار بالهواتف الذكية والوسائط
أكدت ليلى كينج مديرة قسم الأخبار الاجتماعية في شبكة الأخبار الأمريكية. ''سي. إن. إن'' أن صحافة المواطن في وسائل الإعلام الأمريكية متاحة ومفتوحة بشكل كامل ولكن ضمن حدود وذلك لأسباب تنافسية، واصفة أخبارها بالصحافة التقليدية وأوضحت في حوار خاص مع ''الاقتصادية'' أن صحافة المواطن تتطور حاليا في أمريكا مثل الحديث عن القيود على الأسلحة والاهتمام بالمواضيع المتعلقة بالتكنولوجيا، مثل الخصوصية الرقمية والسلامة، واصفة صحافة المواطن بـ ''الصحافة المشارِكة'' – حيث تقوم الفكرة على أن هناك عدداً كبيراً من الطرق للمشاركة في الأخبار، مشددة في الوقت نفسه على أن هذا النوع من الصحافة تطور بشكل واسع في العالم العربي بعد ازدهار نقل الأخبار، عبر الهواتف الذكية، والمتاحة بين الناس، وأصبحت تنمو بصورة أكبر وتزداد معها التحديات لمنظمات الأخبار. كما تناولت ليلى كينج في هذا الحوار عديدا من النقاط المتعلقة بالبرامج الاجتماعية وأهداف وتعامل وتفاعل المسؤولين معها، فإلى محصلة الحوار:
## هل حرية الحديث عن قضايا صحافة المواطن متاحة في وسائل الإعلام الغربية ومفتوحة بشكل كامل؟
أعتقد أنها مفتوحة ضمن حدود – لأسباب تنافسية، لا تتحدث شركات الأخبار المتخصصة كثيراً بصورة مفتوحة عن الطرق التي تعثر فيها على صحافة المواطن وتتحقق منها. هناك دائماً رغبة من جانب مؤسسات الأخبار المحترفة في حماية مصادرها وأن تكون الأولى في عرض موضوع معين، بالتالي من هذا الباب فالأمر يشبه تماماً الصحافة التقليدية.
## ما الصعوبات التي تواجهها محطات التلفزيون والإذاعة الأمريكية في التعامل مع قضايا الجالية العربية في الولايات المتحدة؟
كل جالية لها سمات فريدة لا بد للصحفي من أن يتعرف عليها وأن يحاول أن يفهمها. لكن من السهل كذلك أن يتشتت فكر الصحافي فيما تمثله كلمة ''جالية''. الجالية العربية في أمريكا لها هوية واضحة، لكنها كثيرة التنوع كذلك – نحن نتحدث هنا عن أفراد لديهم أفكار مختلفة تماماً وخلفيات متباينة وحكايات وطموحات مختلفة في حياتهم. من أهم الأشياء بالنسبة للصحفي هي أن يتجنب وضع الناس في فئات جامدة، وهذا ينطبق على الجميع بدون استثناء، وليس فقط على الجالية العربية. في النهاية يتلخص الأمر كله في أن يقوم الصحفي بالبحث والدراسة المتعمقة واتباع المبادئ الصحفية الأساسية.
## تحدثي بالتفصيل عن أبرز القضايا التي يطرحها الإعلام المتخصص في الأخبار الاجتماعية في بلادكم؟
إن جمال الشبكات الاجتماعية هي أنها تسمح للمصالح المتخصصة بالازدهار ضمن مجموعات صغيرة من الناس يشعرون بالحماس حول مصلحتهم الخاصة. وهذا يعني أن عدد القضايا التي تُناقَش عبر الشبكات الاجتماعية مكافئ لعدد القضايا الموجودة أصلاً، وعدد الناس المهتمين بها. بعض القضايا التي تجتذب أكبر قدر من النشاط والحركة والاهتمام العام في الولايات المتحدة هي القضايا السياسية الأمريكية، مثل القيود على الأسلحة وزواج الأشخاص من الجنس الواحد. وفي شبكة سي إن إن نشاهد كذلك قدراً كبيراً من الاهتمام بالمواضيع المتعلقة بالتكنولوجيا، مثل الخصوصية الرقمية والسلامة وجدارة الثقة بالشبكات الاجتماعية. وعلى سبيل المثال، هناك موضوع يكثر تناوله ضمن مواد سي إن إن بخصوص تفجيرات ماراثون بوسطن، هو مقال كتبه مراسل متخصص في التكنولوجيا حول الحكايات الخاطئة المزورة التي انتشرت عبر الشبكات الاجتماعية في أعقاب الهجمات، وكيف أن هذا الأمور يمكن أن تحدث. هذه الأمثلة تبين لنا أهمية التعاون بين المواطنين والصحافيين المحترفين، خصوصاً فيما يتعلق بالمواضيع المعقدة مثل موضوع بوسطن. إن دور منظمات الأخبار التقليدية في عالم يتسم بالانتشار الواسع للشبكات الاجتماعية هو إضافة عناصر من التحقق والإثبات وتوفير سياق للكثير من تقارير الشبكات الاجتماعية التي نراها جميعاً.
## ما مفهومكم لصحافة المواطن في أمريكا؟هل تقصدون الشكاوى التي يقدمها المواطن ضد سوء الخدمات ونقصها؟
أفضل تسميتها ''الصحافة المشارِكة'' – حيث تقوم الفكرة على أن هناك عدداً كبيراً من الطرق للمشاركة في الأخبار، ويتوقف ذلك على مقدار الخبرة والاهتمام لدى الشخص. تعتبر سي إن إن منظمة إخبارية دولية إلى حد كبير، ولا أظن أن صحافة المواطن في الولايات المتحدة مختلفة اختلافاً جذرياً عما هو موجود في كثير من البلاد الأخرى. بعض العاملين في صحافة المواطن يتناولون مواضيع تهم مجتمعاتهم المحلية تماماً مثلما يفعل الصحافيون المحترفون (مثلاً من خلال تناول وكتابة مواضيع جديدة تماماً)، لكن الأمر الأوسع انتشاراً بكثير هو الناس الذين يساهمون في تقديم مقاطع فيديو عن أمور كانوا فيها من شهود العيان حول أحداث جديدة، مثل الفيديو المباشر الذي يصور كارثة طبيعية، أو مقالا شخصيا حول موضوع في الأخبار.
#2#
## هل تجد البرامج الإعلامية التي تقدم من الإذاعة أو التلفزيون إقبالاً من المسؤولين ويتابعها الناس باهتمام مثل البرامج الثقافية الأخرى؟
بكل تأكيد! في كثير من الأحيان تتيح الوسائط الاجتماعية للمواطنين حتى القدرة على وصول أكبر للمسؤولين الحكوميين وغيرهم. على سبيل المثال، في سي إن إن نقدم مقالات منتظمة تدعى ''تقرير مقابلات الإنترنت''، حيث نتفق مع ضيف بارز ونأخذ الأسئلة مباشرة من الجمهور. مثلاً حملنا أسئلة إلى الرئيس أوباما وزوجته ميشيل بهذه الطريقة، إلى جانب عدد كبير من أعضاء الكونجرس. من الأمور المثيرة للاهتمام بخصوص هذه السلسلة من المقابلات هو أنها تُظهِر شخصيات سياسية وشخصيات مشهورة في مجالات أخرى، على متعادل نسبياً بين الفئتين.
## يا ترى لديكم أدنى معلومات عن صحافة المواطن في العالم العربي أو الثالث بشكل عام؟
على المسرح الدولي أعتقد أن صحافة المواطن ازدهرت بالفعل منذ الانتخابات الإيرانية في عام 2009 والتي كانت موضع خلاف وأثارت جدلاً كبيراً. دون صحافة المواطن والوسائط الاجتماعية بصورة عامة كان من المستحيل توثيق الاحتجاجات والمظاهرات وإعطاء صورة بهذه الدقة والتفاصيل الكثيرة في أعقاب الانتخابات. وفي العالم العربي أعتقد أن أي شخص يعلم أن حكاية الربيع العربي، بما في ذلك اللحظات المصيرية مثل وفاة القذافي، انتشرت إلى حد كبير على أيدي المواطنين الصحافيين. وفي الوقت الذي تصبح فيه وسائل نقل الأخبار، مثل الهواتف الذكية، واسعة الانتشار ومتاحة بين الناس، تنمو معها كذلك مساهمات صحافة المواطن بصورة أكبر فأكبر (وتزداد معها التحديات لمنظمات الأخبار، مثل التحديات المتعلقة بالتحقق من المحتوى والتدقيق في الأخبار).
## كيف تستطيع قناة سي إن إن أن تقدم برامج خاصة بمجتمعات خارج أمريكا مثلما تفعل في تغطية الأخبار الأخرى من دول خارجية؟
أعتقد أن من المهم تناوُل كل موضوع أو مقال بالقدر نفسه من المبادئ الصحافية الأساسية. وهذا ينطبق بالقدر نفسه على المجتمعات المحلية ضمن البلدان مثلما ينطبق على البلدان أنفسها. كذلك من المهم ألا تكون هناك افتراضات مسبقة. باعتبارنا منظمة إخبارية دولية في سي إن إن، نحن نتعامل مع أنواع مختلفة من البلدان والمجتمعات المحلية والأعراق والمعتقدات والأفكار في كل دقيقة من كل يوم. هذا التنوع الكبير نفسه تجده موجوداً في الناس الذين يعملون في المحطة. لا شك أن هذا التنوع ينير ويعمق منهجنا والأسلوب الذي نتبعه في كل ما نقوم به، ومن المؤكد أنه لا توجد ''معادلة'' مختلفة في الطريقة التي نتعامل فيها مع مختلف المواضيع والأخبار.
## هل ترين أن سقف الحرية مفتوح بالنسبة للبرامج المجتمعية والخاصة بالمواطن في دولة مثل أمريكا أم هناك محاذير وضوابط؟
أعتقد أن العاملين في صحافة المواطن يعملون أحياناً في بيئة أكثر حرية من المهنيين، ويعود معظم السبب في ذلك إلى أنهم غير مدركين للقيود المهنية المفروضة على العمل التي يلتزم بها الصحافيون المحترفون. على سبيل المثال، هناك قواعد في الولايات المتحدة حول دخول الممتلكات الخاصة، وهي قواعد يُتوقع من الصحافيين الالتزام بها واحترامها. في بعض الحالات في برنامج مقابلات سي إن إن نجد أن المواطنين لا يعلمون بالضرورة عن هذه القواعد، وهذا من الأسباب التي من أجلها ننشر الخطوط الإرشادية حول المجتمعات ونستضيف مناسبات مثل iReport Bootcamp (للتغطية الإخبارية الخاصة).
## حسب تقديري وتجربتي في الإعلام العربي يقاطع معظم المسؤولين في الدولة وحتى القطاع الخاص البرامج التي تضعهم في مواجهة ساخنة.. ما تعليقكم وهل هذا الوضع موجود في أمريكا؟
إذا حكمنا من خلال عدد الضيوف البارزين الذين يظهرون على مدار الساعة في سي إن إن، أعتقد أن هذا ليس دائماً هو الحال – ليس فقط في الولايات المتحدة وإنما في البلدان الأخرى كذلك. بعض البرامج، مثل برنامج أمانبور، إنترناشونال ديسك، وكويست مينز بيزنس (حرفياً معناها كويست لا يمزح في مجال الأعمال)، غالباً ما تستضيف كبار المسؤولين الحكوميين والرؤساء التنفيذيين في الشركات، ويُطرح عليهم أسئلة قوية ومحرجة. بالمثل، بعض البرامج مثل برنامجنا عن اقتصاد الشرق الأوسطMarketplace Middle East وبرنامج ''داخل الشرق الأوسط'' Inside the Middle East غالباً ما تتناول مواضيع مثيرة للجدل. بطبيعة الحال بعض البلدان والمنظمات مختلفة عن ذلك، لكني أعتقد أن الأشخاص المستنيرين أكثر من غيرهم يعتبرون أن المشاركة في جدل عام نشط هو سبيل ممتازة وقوية لمشاركة رسالتهم والتواصل مع الجمهور.
## بصفتكم خبيرة في مجال الأخبار الاجتماعية ما نصيحتكم للعاملين في هذا المجال؟
إلى زملائي العاملين في الأخبار الاجتماعية، أود أن أحضهم، وأنا معهم، على أن نفتح غرف أخبارنا وأن نتعاون مع العاملين في صحافة المواطن. كلما ازداد عدد الأصوات ارتفع عدد المواضيع الأفضل. بالنسبة للراغبين في المشاركة في صحافة المواطن، أقول لهم: ''أهلا وسهلاً بكم''.