النقل العام في مدينة الرياض

كنت قبل عدة أيام في زيارة للغرفة التجارية وشاهدت حافلة للنقل العام متجهة إلى وسط المدينة ولاحظت أنها مكتظة بالركاب إلى درجة وقوف الكثير منهم وبعد قليل شاهدت حافلة أخرى متجهة إلى خارج المدينة وكان آخر راكب واقفا على باب الحافلة لعدم وجود مكان يسعه داخل الحافلة.
وهذا يدل على أن حركة النقل العام كبيرة وتحتاج إلى العديد من الحافلات التي بدورها تجعل من النقل العام عملا مربحا وذا قيمة اقتصادية كبيرة للشركة ومدينة الرياض بشكل خاص.
ومع كل هذا فإن المراقب للحركة المرورية في مدينة الرياض يدرك أنها تعيش في أزمة خانقة قد تجعل مدينة الرياض قاب قوسين أو أدنى من أن تنعت بالمدينة الفاشلة، وقد نرى بارقة أمل في مشروع القطارات الأرضية الذي يخطط له الآن وسيكون العمود الفقري لحركة النقل في الرياض، ولكنه يحتاج إلى الكثير من الروافد لجعله ناجحا ومفيدا.
حيث يحتاج إلى محطات مجهزة بمواقف تبدأ من الدراجة العادية إلى السيارات ويحتاج إلى شبكات محلية للحافلات تعمل كروافد مكملة له وتنقل من المناطق البعيدة إلى محطات القطارات وهذه الشبكات يجب أن تكون حديثة ليس فقط في الطراز، ولكن في الإدارة والتخطيط، ومن أبرز مظاهر العشوائية هو أن الركوب للحافلة حاليا يكون من أي نقطة على الطريق ولا توجد محطات محددة للركوب منها.
وتدخل إدارة النقل العام في لب اهتمام تخطيط المدن ويجب أن توجه من قبل المسؤولين عن التخطيط لمدينة الرياض التي لا نعلم الجهة المسؤولة عن عملية التخطيط فيها، ولضياع المسؤولية بقيت خدمات شركة النقل العام بدائية جدا فلا توجد بطاقات للركاب أو طرق تحصيل حديثة كالبطاقات مسبقة الدفع الذكية التي تساعد في تسهيل عملية التحصيل، وقد يستغرب أي مراقب من دول أخرى من أننا ما زلنا نستخدم النقود للدفع بدلا من التذاكر بل إنه منظر تخلف إداري يوحي إليك بأن سائق الحافلة هو المتصرف في عملية التحصيل وماذا سيدور بعده من دوائر تحصيل أخرى.
في دول أخرى يستطيع المواطن شراء تذاكر شهرية ونصف سنوية وسنوية للتنقل عبر جميع وسائل النقل وتستطيع الشركات منح مثل هذه التذاكر لموظفيها كمخصص للنقل ووصل الأمر إلى استخدام الهواتف الذكية في شراء التذاكر، وفي المقابل فإننا لا نجد جهازا واحدا في مدينة الرياض لبيع التذاكر بل إننا لا نستخدم هذا الأسلوب ربما لأننا نعده كماليا ولا يصلح لنا أو أننا لم نصل إلى مرحلة من النضج لنحصل على هذه النوعية من الخدمات.
مسألة النقل العام في مدينة الرياض وصلت إلى مرحلة مصيرية وهو ما سيحدد مصير مدينة الرياض خلال السنوات المقبلة فهل ستكون مدينة حضارية في مصاف العواصم الأخرى المجاورة أم ستكون مثالا للمدينة الأسوأ في العالم وهو المصير المحتوم الذي ينتظرها في المستقبل القريب مع دخول مئات آلاف السيارات إلى الطرقات سنويا ورخص الوقود وانعدام البدائل الأخرى؟
نحتاج إلى استنساخ نظام إداري لشركة النقل بشكل سريع لتنظيم أعمالها بدءا من مجلس الإدارة إلى أصغر موظف فيها لربطهم بنظم إدارية آلية تجعل النقل العام أمرا ممكنا وميسرا للجميع ويكون قد بلغ مرحلة متقدمة من التطوير ليواكب مشروع القطارات المقبل الذي نتوقعه رسميا بعد أربع سنوات أما عمليا فقد نكون محظوظين لو اكتملت أجزاؤه الأولية بعد عشر سنوات كما هو معتاد لدينا في مثل هذه المشاريع.
وكلنا أمل في أن تتم المبادرة إلى المسألة المصيرية التي تواجه مدينة الرياض عاصمة أكبر دولة نفطية وأن تواكب هذا التحدي الكبير ببرامج إنقاذ سريعة وتخطيط سليم بعيدا عن العشوائية التي تعيشها نظم النقل العام في العاصمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي