الصلال.. من «الفنطاس» إلى صخب المعترك الدراميّ
ارتبط الفنان الكويتي إبراهيم الصلال المولود في آذار (مارس) من عام 1940، بالدراما الكويتية التي تعد الأبرز من بين الدراما الخليجية كمّا تألق على الشاشة التلفزيونية. حيث عاصر الحركة الدراميّة والمسرحية الكويتية منذ بدايتها، وهو من جيل الرواد.
لم يكن الفتى ''إبراهيم الصلال''، حين ولد وترعرع في ''الفنطاس'' تلك القرية الزراعية الصغيرة، المطلة على البحر، بهوائها العليل وجوها النقي، التي تغنى بها شقيقه الراحل الشاعر هزاع الصلال بالكثير من قصائده، لم يكن يعلم أن هذه البيئة الوادعة الدافئة، ستمنحه دفقة من الحب والنقاء والعطاء، يتعامل به مع الآخرين.. بل لم تكن ''الفنطاس'' المنزوية بهدوء عن الأنظار، لم تكن نفسها تعلم بأنها تحتضن فتى يشق طريقه ليتسيد المشهد ويكون محط الأنظار على الشاشة.. وفي قلب الصخب الدراميّ.
ولم يكن يخطر ببالك أنت يا إبراهيم شيء اسمه ''الفن''، في ظل إمكانات عصرك وبيئتك تلك، لذلك اندهشت بشدة، حين جلبت شركة النفط التي تعمل بالقرب من قريتك، في عامي 1945 و1946، سيارة مجهزة، لتعرض أفلاماً، وهي أفلام هندية.. وكاوبوي... ووثائقية عن النفط، عندها تعلقت بالأفلام، وبالشاشة شيء ما يشدك يخاطبك قائلا: ربما ستملأ الشاشة.
ثم إنك يا ''إبراهيم'' فتى، قوي عودك وسرت في مراحلك الدراسية العامة، لتبدأ مشوارك الفني مع المسرح المدرسي عام 1952م ثم بالأندية الصيفية، وفي عام 1959م انتسبت إلى ''فرقة المسرح الشعبي''وشاركت في معظم الأعمال المسرحية المرتجلة التي كانت تقدم آنذاك. وصقلت موهبتك شيئا فشيئا لتخرج بأول عمل جماهيري عرفه جمهورك من خلاله مسرحية ''سكانه مرته'' التي قدمت فيها دور الخال ''صالح''.
ولأن الإبداع ليست له حدود، فقد لفتت مواهبك الجميع، وتتجلى المحطة الثانية، حين تبدأ طريقك مع التلفزيون، وهو المشوار الذي بدأ حين شاركت في عام 1975 في مسلسل ''ابن الحطاب''، ومسلسل ''طيور على الماء'' في 1976، وليشهد عام 1977 ظهور مسلسلاتك'' لمصير ـ دنيا المهابيل ـ الأقدار''، ثم تتوالى أعمالك المتألقة وبمشاركة كوكبة من النجوم من أمثال: سعاد عبد الله، حياة الفهد، غانم الصالح، إبراهيم الحربي، علي المفيدي، مريم الغضبان، خالد النفيسي، سعد الفرج، منصور المنصور، أحمد الصالح، عبد العزيز النمش، وغيرهم الكثير جدا من الفنانين الذين سطروا إبداعهم معك ''صوتا وصورة''.
حينما نقترب من الفنان القدير إبراهيم الصلال، فإننا نقرأ كماً من العناوين الكبيرة التي سطرت مسيرة هذا الفنان الكبير، الذي استطاع عبر مشوار فني يمتد لأكثر من خمسة عقود من الزمان، أن يكون شريكا أساسيا وفاعلا في مسيرة الفن العربي المعاصر، فهو المبدع المسرحي الذي ستظل بصماته خالدة في ذاكرة ووجدان الجماهير، وهو أيضاً صاحب التنوع والتفرد التلفزيوني نوعا وكماً آخر من المحطات، التي تعكس مسيرة مبدع.. وفي الوقت ذاته مسيرة فرقة مسرحية شامخة هي ''فرقة المسرح الشعبي''التي يترأس مجلس إدارتها.
سجل مميز.. حافل بالإنجازات والبصمات الكبيرة.. التي أوجدت أجواء من الترفيه البريء، ورسمت ألوانا من المرح، ومن ''الضحك'' ،، الذي نفتقده كثيرا في زماننا هذا.
هكذا كان الفنان ''إبراهيم الصلال''، التزام للفن..احترام لحرفته وجمهوره الذي يرى فيه تاريخه وحديث ذكرياته.