الاقتصاد المعرفي.. وأين يجب أن نقع؟

يعترف الاقتصاد ومجتمعاته بأن المعرفة والعلم هما الأساس في النمو واستدامة التقدم في الأساليب المعيشية للإنسان بشكل عام، والتي في الأساس جاءت نتاجاً للمخزون المعرفي وتراكماته التي بُني بعضها فوق بعض لتقدم التطبيقات المعرفية والعلمية للإنسان بأشكال مختلفة تصبو إلى تحسين المعيشة ورقيها، بل رفاهيتها. ولقد عاشت القرون السابقة أنواعاً مختلفة من تلك التطبيقات المعرفية تباينت بين البساطة والبذخ أحياناً غير أن قاسمها المشترك هو تفعيل دور الإنسان فيها وذلك بقيامه بتلك الأعمال التي في غالب الأمر هي المحور الرئيس نحو تقدم سبل العيش والرفاه. ولا شك أن الإنسان هو المحور دوماً في هذه الاكتشافات التي سهّلت وقدّمت الأنواع التطورية للسبل المعيشية. غير أن التقدم المعرفي باكتشاف الآلة خفّف الكثير من الجهد البشري مما يسّر للإنسان ذاته تحسين سبل معيشته وجعلها أكثر رفاهاً ويسراً من سابقها الزمني. وهذه فلسفة يتجاذبها المفكرون بين مؤيد ومناقض وذلك بانعكاسات هذه الرفاهية والنمو في أساليب العيش على حياة الإنسان ذاته.
ولعل الاهتمام الرئيس دوماً هو الاقتصاد؛ لكونه العنوان الأشمل نحو الناتج الكلي العملي والجهد الذي يبذله الإنسان، وبالتالي أسلوب الحياة وهذا بالتالي انعكس على الاهتمام بكل ما من شأنه المعرفة المؤدية إلى تنامي ونمو الاقتصاد بشكل مجتمعي كلِّي والذي في نهاية المطاف يقيس مستوى التنمية والمعيشة ــــ بشكل أبسط ــــ حتى صار الاقتصاد المعرفي عنواناً بارزاً لصانعي القرار والساسة وذلك بتقديمه لمجتمعاتها كشعار لإقناعهم بالأهداف الرامية إلى قيادتهم. وحيث إننا مثل غيرنا في محاكاة واقع الحال وذلك بالتطلع والرغبة المؤكدة إلى التنمية المستدامة فقد توجهت ووجهت الموارد المختلفة سواء البشرية أو الطبيعية أو المالية نحو البناء على ما يسمى الاقتصاد المعرفي. وفي نظري يجب ألا يؤخذ العنوان فقط دون الإدراك لمقومات نجاح نتاج الاقتصاد المعرفي والذي لا يقوم إلا بما يسمّى الميز التنافسية الخاصّة التي يمتلكها كل اقتصاد. فمثلاً محلياً يجب ألا يكون اقتصادنا المعرفي مبنياً على موارد طبيعية لا يمتلكها كالماء أو في قطاعات صناعية سبقنا إليها الغير أو تلك التي نفتقر إلى وجودها في الأصل. بل التطبيق لمفهوم اقتصاد المعرفة يجب أن يُبنى على تلك الميز التنافسية التي نمتلكها سواء كانت تلك موارد طبيعية أو بشريّة أو حتى بما حبانا المولى ـــ عزّ وجلّ ـــ من مواطن تهفو إليها البشرية. وهذا في المؤدي الأخير هو التكريس للقوة الاقتصادية التي تؤكّد الديمومة التنموية والتي لا تهزها كل عصفة ريح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي