خاطرة في النقل العام السعودي

استوقفني كثيراً هذا الموضوع والكيفية التي يمكنني أن أطرحه بها والأسلوب الذي أستطيع أن أستعمله لنقل الصورة الذهنية لصناع القرار في المملكة العربية السعودية حول أهمية النظر في موضوع النقل العام في السعودية. وسبب الحيرة وإعادة التفكير هو الحجم الكبير للمملكة، وهذا الحجم مع النمو السكاني العالي والرغبة السكانية في التنقل بين مختلف المدن للعمل والعلاج والزيارة وغيرها من المصالح توجب التفكير بشكل جاد حول إيجاد نظام نقل متميز، خصوصاً بين المدن ذات الكثافة السكانية العالية والبعيدة نسبياً بعضها عن بعض مثل المسافة بين الرياض وجدة أو جدة والدمام أو أبها والرياض أو نجران والرياض وغيرها من المدن التي يتطلب الانتقال منها قطع مسافات لا يستطيع الإنسان فيها استخدام السيارات لبعد المسافة وكثرة التردد، لهذا فإن الأمر يتطلب، إضافة إلى تطوير الطرق ووسائل النقل العام من القطارات والحافلات وخدماتها، تطوير منظومة متكاملة من المطارات ودعم الخطوط السعودية أو غيرها من الشركات الوطنية التي يمكن إنشاؤها بعدد كبير جداً من الطائرات مع تطوير كل وسائل الصيانة وتوفير قطع الغيار للمطارات والطائرات.
إن دعم توفير عدد كبير من الطائرات الحديثة وجعلها إحدى أهم وسائل الانتقال بين مختلف المدن السعودية سيعالج الحجم الأكبر من مشكلة النقل العام، وهذا الدعم الحكومي المباشر لـ ''الخطوط السعودية'' يجب أن ينطلق ضمن مسؤولية الحكومة عن البنية التحتية لأن مثل هذا الدعم ينطبق عليه ما ينطبق على دعم الطرق والقطارات وغيرها من وسائل النقل العام، والخدمات المشابهة مثل الكهرباء والمياه، خصوصاً أنه أصبح ضرورة مهمة لدعم الاقتصاد الوطني ومتطلبات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ويساعد على سهولة الحركة والتنقل بين مختلف المدن السعودية.
إن الظروف الجغرافية والمناخية والتباعد بين المدن الرئيسة في المملكة من الناحية الجغرافية وتقاربها من الناحية الاجتماعية والاقتصادية وتبادل المنافع تتطلب إعادة النظر في وضع نظام الطيران في المملكة ودعم تطوير المطارات وشراء الطائرات وتعزيز أسطول الخطوط السعودية بعدد كبير جداً من الطائرات الحديثة التي تعمل ضمن الطيران المحلي ولخدمة النقل الجوي المحلي، وفتح المنافسة في الطيران الخارجي لمختلف شركات الطيران العالمي، خصوصاً مع ما نشهده من عجز كبير في قدرة ''الخطوط السعودية'' على خدمة الرحلات الداخلية والتكدس العالي للمسافرين وتأخر رحلاتهم وارتفاع وتيرة الشكوى من ذلك، خصوصاً عندما يتعلق السفر بمتطلبات العلاج أو العمل أو الجوانب الاجتماعية الملزمة للسفر.
إن توجيه جزء كبير من فائض الميزانية لتطوير مرافق وخدمات الطيران وتأمين العدد الكافي من الطائرات لخدمة الطيران المحلي وإعطائها الأولوية الأولى ضمن منظومة النقل العام التي تم اعتماد مليارات الريالات لها أصبح أمرا ملحا، خصوصاً مع الوفرة المالية الحالية، وكذلك العمل على الارتقاء بخدمات الإدارة والصيانة للمطارات والطائرات مع أهمية الاختيار الصحيح والدقيق لنوعية الطائرات حتى لا نفاجأ بطائرات تخرج من الخدمة قبل وصولها مثل ما حدث لطائرات ( MD90 ) أو أمبير أو غيرها من الطائرات ذات السلامة والراحة المنخفضة. ومن جانب آخر يجب الاهتمام بصيانة وتطوير المطارات حتى لا نفاجأ بأن مطاراتنا وبعد عمر تشغيلي قصير تصبح خارج الخدمة كما هو الحال مع مطار الملك عبد العزيز في جدة، الذي لم يتجاوز عمره 40 عاما ومع ذلك يشتكي من كل الأوجاع بسبب سوء الإدارة والصيانة، وهو ما يتطلب تكامل العمل في مجال النقل الجوي الداخلي من تطوير للمطارات غير مكلف ودعم لتوفير الطائرات وبناء للكوادر الوطنية في الإدارة والصيانة. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

وقفة تأمل

«أريد من زمني ذا أن يبلغني
ما ليس يبلغه من نفسه الزمن
لا تلق دهرك إلا غير مكترث
ما دام يصحب فيه روحك البدن
فما يدوم سرور ما سررت به
ولا يرد عليك الفائت الحزن
مما أضر بأهل العشق أنهمو
هووا، وما عرفوا الدنيا، وما فطنوا»

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي