تقادم القوانين عائق للاستثمار
الاستثمار كمفهوم عام كما تعرفه النظريات المالية، هو الالتزام بموارد حالية على أمل الحصول على موارد أعلى في المستقبل، سواء كانت تلك الموارد موجودات حقيقية أو موجودات مالية. وللحصول على الموارد الأعلى مما يستثمر في الحال فإن ذلك يقتضي أن تشغَّل تلك الموارد في دوائر الاقتصاد المختلفة وقطاعاته لتخلق بالتالي أنواعاً وصنوفاً عديدة من أساليب التجارة التي لا حصر لها تقريبا، لتجتمع هذه المبادلات تحت مظلة أسواق مختلفة تسمى بحسب النشاط وطبيعة تلك السلع، سواء كانت هذه السلعة ملموسة أو معنوية وهو ما يسمى الخدمات. وهذا مؤداه العلمي خلق سوق ما، حيث يتباين عادة هذا السوق أو تلك من ناحية بنيته الأساسية واكتمالها خصوصا في المقومات الرئيسة للسوق وتفعيل دوره وضبطه من النواحي التشريعية أيضا التي تكفل عدالته. إن السبب الذي ساقني إلى الكتابة عن هذا الموضوع بعد هذه المقدمة المبسطَّة لتعريف الاستثمار هو ما اطلعت عليه عن قرب حول موضوع استثماري كانت وزارة التجارة طرفاً فيه، وذلك لدواعي التصريح لمزاولة نشاط تجاري "استثماري"، الذي حينها رفضت وزارة التجارة الطلب بحجة أن المستثمر لا يوجد في تنظيمه ما ينص على مزاولة ذلك النشاط المحدد والمطلوب له تلك الرخصة.
نعم هناك تقنين لرخص مزاولة النشاط لكل كيان اقتصادي، فشركة بتروكيماوية مثلاً يجب ألا تزاول نشاط تصنيع الأسمنت وهكذا. وهذا معروف غير أن المستثمر الذي لا أجد تفسيراً لرفض إعطائه الرخصة لمزاولة النشاط المطلوب هو مستثمر مؤسساتي "صندوق حكومي"، وفي تنظيمه ما يسمح بمزاولة الاستثمار بشكل عام دون تحديد لنوعية الاستثمار أو المجالات التي يدخل فيها، التي أعطي مجلس إدارة ذلك الصندوق الحق في اختيار تلك المجالات وليس وزارة التجارة.
ولعلي أدرك القانون الذي بني عليه سبب الرفض، وللوزارة الحق في ذلك إلا أن ما يهمني هو تقادم كثير من القوانين التي تقف بين الحين والآخر عائقاً أمام استثمار فعال، الذي مثلما هو مأمول أن يحقق موارد أعلى "عائدا أكبر" مما بدأ به من التزام للموارد التي استثمرت مثلما ورد في تعريف الاستثمار.
أتمنى دوما أن يراجع كثير من النظم واللوائح والقوانين الخاصة بالتجارة التي هي "البنية التشريعية"، حيث تعتبر واحدة من أهم الركائز للخروج باقتصاد يتنامى فيه ناتجه الإجمالي بفاعلية واستخدام كفء لكل الموارد.