ضيوف البرامج الفضائية .. أصواتٌ مستهلكة وتكرارٌ مُمل

ضيوف البرامج الفضائية .. أصواتٌ مستهلكة وتكرارٌ مُمل

فتح مشهدٌ تمثيلي أُذيع أخيراً ضمن برنامج ''واي فاي'' التلفزيوني، باب التعليقات مشرعاً أمام ما يتعلّق بالتكرار المستمر لضيوف البرامج الفضائية المباشرة. تناول المشهد تجسيداً لشخصيتَيْ جمال خاشقجي، ويحيى الأمير. وبدأ المقطع الذي بثّته قناة ''إم. بي. سي''، بالممثل الذي تقمّص دور مقدم البرنامج الحواري المباشر، وضيفيه اللذين أشير إليهما باسميهما صراحةً وهما ''جمال'' و''يحيى''، فيما شهد المشهد ظهور الفنان الكويتي حسن البلام الذي تفوّق على نفسه هذا العام، وأبدع في تجسيد شخصية ''جمال''. وتقمّص البلام لأول مرة شخصية حجازية، ونجح في ذلك بدافع من خبرته الفنية. في المقابل، نجح الفنان الشاب طارق الحربي في تصوير شخصية يحيى الأمير، والمشهد يحمل رسالة تقول: إن ثمة ضيوفاً يتكرّرون باستمرار على برامج الفضائيات المباشرة والحوارية ولا يتغيّر سوى اللبس والهيئة ومنهم هاتان الشخصيتان.
إن ظاهرة تكرار الضيوف وكثرة ظهور الأسماء نفسها في البرامج الحوارية والمباشرة التي تعرض على كثير من الشاشات العربيّة، أصبحت مزعجة ومملة للمشاهد العادي ذاته. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل هذا إفلاسٌ إعلامي أم أنه تساهلٌ مفرطٌ في العناية بانتقاء الضيوف؟ أم أنه عزوفٌ من المتحدثين والشخصيات الأخرى عن الظهور التلفزيوني؟
وعلّق الممثل التلفزيوني والمخرج جميل القحطاني على ذلك، بقوله: إن المنطق يؤكد ضرورة التنويع حتى لا يمل الجمهور، وهناك عوامل كثيرة أفرزت هذه الظاهرة، وأهمها كثرة الوسائل الإعلامية والقنوات التي تحتاج إلى مزيد من الضيوف، إضافة إلى أن البعض يعرف ما تريده القنوات، وبالتالي يقدمون أفكاراً وآراءً تدعم رغبات القائم على البرنامج وفي الوقت نفسه تلاقي استحسان الجمهور.
ويضيف بقوله: فريق إعداد البرامج الذي يعتمد عليه البرنامج قد يستسهل البحث عن ضيوف جدد، ويعتمد على شخص واحد؛ لكونه من النوع الذي يوافق على الظهور الإعلامي، فيأتي مكرراً في الطرح والمناقشة والرؤى والأفكار والتوجّه، من هنا تتكوّن فجوة بين الجمهور وبين البرنامج أو حتى هذه الشخصية، فضلاً عمّا يزرعه لدى المتابعين من شعور بعدم تجرُّد القناة وموضوعيتها. وفي هذا الصدد، لا بد للإعلام العربي كي يلامس المهنية بحذافيرها أن يهتم بما يسمّى ''صناعة الوجوه الإعلامية''، وهو الفن الذي يجد اهتماماً في البلدان المتقدمة، وخاصة في أوروبا، بمعنى أن كل الوسائل والقنوات تعمل على تقديم أكبر كم من الأسماء والشخصيات الجديدة للتحدث ومناقشة أمور المجتمع، لكن في عالمنا العربي لا يُوجد هذا المسمى، لذلك نجد الوجه نفسه يتكرّر، وكأن وسائل الإعلام العربية تقف ضدّ التجدُّد الذي يشكل أكبر قناة للتميُّز والإبداع.. خاصة أن هناك الكثير من الشخصيات المثقفة التي تمتلك من الوعي والخبرة والعمق في التخصّص والإلمام الكافي ما يؤهلها للمناقشة الموضوعية لعديد من قضايا الوطن العربي.
إن استهلاك الوجوه المتداولة على الساحة، يجعل المشاهد يشعر بالملل ويدفعه للبحث عن فضاءات أخرى يحصل من خلالها على بغيته، وإن اعتماد بعض القنوات على أسماء وشخصيات معينة له ما يبرّره ـ موضوعياً ـ فليس أي متحدث يستطيع امتلاك القدرة على التفاعل مباشرة مع الكاميرا، ولكن البحث عن جيل ثانٍ من المتحدثين يسير جنباً إلى جنب مع هذا الجيل المألوف، وهذه الشخصيات التي أصبحت أكثر شهرة من مقدمي البرامج أنفسهم حتى ننأى بفضائياتنا عن الروتين الإعلامي والنبرات المستهلكة.

الأكثر قراءة