الجسر وما أدراكم ما الجسر
الرحلة بالسيارة من الولايات المتحدة إلى كندا نزهة في غاية المتعة لا تتوقف فيها إلا عند نقطة حدودية واحدة. على جسر السعودية ـــ البحرين، لدينا 14 نقطة تفتيش ذهاباً وإياباً.
عدد المسافرين الذين عبروا جسر البحرين عام 2012 بلغ 18 مليون مسافر؛ أي نحو 50 ألف مسافر يومياً يعانون مشقة رحلة الشتاء والصيف التي تصل في بعض الأحيان إلى أربع ساعات. عدد المسافرين بين الولايات المتحدة وكندا 110 ملايين شخص سنوياً؛ أي نحو 300 ألف شخص يومياً، ومع ذلك لا تتعدّى إجراءات السفر بين البلديْن سوى دقائق معدودة.
تصريح مدير المؤسسة العامة لجسر الملك فهد المهندس بدر العطيشان، أن حمولة جسر البحرين حالياً توازي حمولة 120 طائرة إيرباص معلومة جيدة، ولكنها لا تتعدّى كونها أرقاما وإحصائيات.
بمناسبة الطائرات، بإمكانك اليوم السفر بالطائرة من الدمام إلى جدة ذهاباً وإياباً، بينما أرتال السيارات ما زالت عالقة بجسر البحرين الذي لا يتعدّى طوله 25 كيلو متراً.
طبعاً هناك "خصوصيات" يجب أخذها بعين الاعتبار في إجراءات السفر بين السعودية والبحرين، مقارنة بالسفر بين دول العالم الأخرى. لدينا "خصوصية" ورقة العبور (أو ورقتان أحياناً) بأختامها، والتدقيق على بعض مَن يتطلب سفره إجراءات مسبقة.
المعضلة الأخرى هي أن كل جهة معنية تلقي اللوم على الجهات الأخرى عوضاً عن الجلوس على طاولة واحدة لإيجاد حلول عملية لمشكلة ازدحام السيارات بالتنسيق والتعاون وليس بإلقاء اللوم على الآخرين. أقدر الجهود الجبارة للعاملين على جسر البحرين من دائرتَيْ المرور والجوازات وغيرهما، ولكنها في نهاية الأمر كلها تتبع جهة رسمية واحدة.
المشروع الجديد لتطوير الجسر بإنشاء جزيرتيْن مجاورتيْن للجانبَيْن السعودي والبحريني تستوعبان 250 ألف مسافر يومياً يبدو للوهلة الأولى مبهراً. المسافة الفاصلة بين الجانبَيْن ستمتد إلى 20 كيلو متراً لضمان عدم ارتداد الزحام في أيٍّ من الاتجاهيْن، وسيتم نقل الجمارك والجوازات إلى الجزيرتين لإنهاء جميع الإجراءات الرسمية. هذا المشروع عالي التكلفة، جدواه الاقتصادية غير مقنعة، ولن ينهي أزمة الجسر المتراكمة منذ عشرات السنين.
مشكلة التكدُّس والفوضى ليست في طول الجسر أو عرضه، ولا في زيادة عدد المسارات والأرصفة أو حتى في مضاعفة السعة الاستيعابية. محور المشكلة يكمن في جزأين: عدد نقاط التفتيش وإجراءات العبور.