المسلسلات الرمضانية .. تجارة رخيصة هدفها الكسب المادي
رغم أن شهر رمضان له مكانة خاصة وهيبة وأجواء رمضانية لا يمكن أن تتكرر في أي شهر آخر، إلا أنه في كل سنة نرى مدى تجاوز المسلسلات الرمضانية والضاربة بآداب الذوق العام عرض الحائط، ومن الملاحظ في هذه السنة ومن خلال الحلقات الأولى لعدة مسلسلات والتي تجاوزت 124 مسلسلا، ومن خلال الدعايات التي كانت تسبق شهر رمضان عن هذه المسلسلات، فإن الوضع مزرٍ للغاية، بدءا من مشاهد الرقص والعري إلى مشاهد القبل والأحضان، إلى مشاهد تعزيز المخدرات والتدخين والعنف وربما القتل.
وتؤكد دراسة إعلامية متخصصة أجرتها مؤسسة ''أبواب الإعلام'' تحت عنوان: ''دراما رمضان 1433هـ.. دراسة وتحليل'' أنه خلال رمضان 1433هـ تم إنتاج ما مجموعه 200 مسلسل توزعت على نحو 61 قناة متخصصة في قطاع الدراما والسينما والمسلسلات من أصل 733 قناة، شكّلت الكوميديا منها 29.9 في المائة، والدراما 64.2 في المائة، والمسلسلات التاريخية التراثية 6 في المائة.
وفي التكلفة، بلغت تكلفة المسلسلات المصرية على سبيل المثال مليارا و150 مليون جنيه، وعدد مسلسلاتها 62 مسلسلا، اللبنانية أربع مسلسلات، السورية 35، الخليجية 26 مسلسلاً، المغربية 22، وفي الخريطة البرامجية لعام 2010 أنتجت مصر على سبيل المثال 50 مسلسلاً كلفت نحو 750 مليون جنيه مصري، دفعت بعض القنوات المصرية 35 مليون جنيه لشراء حقوق العرض لبعض الأعمال، بينما بلغت تكلفة الإنتاج لـ 35 مسلسلاً في عام 2009م 364 مليون جنيه، وإجمالي ما أنتج من دراما عربية في رمضان لعام 2008، 46 مسلسلاً تكلفتها الإجمالية 600 مليون جنيه مصري.
وجاءت نتائج التحليل للمسلسلات صادمة حيث أكدت الدراسة أن إجمالي المشاهد التي عرضت التدخين بأنواعه في برامج دراما رمضان 1433هـ بلغت 356 مشهداً، في حين أن إجمالي المشاهد التي عرضت تعاطي المخدرات بلغت 33 مشهداً، وإجمالي المشاهد التي عرضت تناول الكحول بلغ 111 مشهداً، وإجمالي المشاهد التي ظهر فيها التعري والملابس المكشوفة بشكل مثير من الصدر أو من الخلف، بلغ 1536 مشهداً، وإجمالي المشاهد التي تناولت التعبيرات الجنسية اللفظية بلغ 270 مشهداً، وإجمالي المشاهد التي ظهر فيها ما يمكن وصفه بالتعبيرات الجنسية المحسوسة من عناق وقُبل بلغ 428 مشهداً، وإجمالي المشاهد التي عرضت التحرش ومظاهر التحرش الجنسي بلغ 54 مشهداً، في حين بلغت مشاهد السرقة 22 مشهداً، ومشاهد القتل أو محاولة القتل بلغت 77 مشهداً، ومشاهد العراك بالأيدي أو بالأسلحة بلغت 145 مشهداً، ومشاهد الصراع بين النساء على رجل أو بين الرجال من أجل أنثى بلغت 31 مشهداً، ومشاهد الألفاظ النابية بلغت 473 مشهداً، ومشاهد الاحتيال والنصب بلغت 153 مشهداً، ومشاهد التعبيرات عن كفر وإلحاد والتجاوزات على الدين بلغت 49 مشهداً، ومشاهد نقد الحجاب واللحية ظهر بواقع 53 مشهداً، وإجمالي المشاهد التي تناولت هدم العلاقة بين الأب والأبناء بلغ 63 مشهداً، وإجمالي المشاهد التي تناولت التعدي (لفظيا أو بالأيدي) على الأب أو الأم من قبل الأبناء بلغ 46 مشهداً،
#2#
وأشارت الدراسة إلى أن ظهور مشاهد تناول الكحول في اليوم الواحد في الدراما العربية في شهر رمضان بلغ 3.7 مشهد، والمخدرات ظهرت بواقع 1.1 مشهد، أما التدخين ''الذي يحرص منتجو الدراما العربية على إظهار المدخن بأنه القدوة الذي يساعده على حل المشاكل والتغلب على قلقه وذلك بحسب الدراسة''، فظهرت مشاهد التدخين بواقع 11.9 مرة في دراما رمضان 2012.
وتغلّبت مشاهد التعري على أغلب المشاهد التلفزيونية، فخلال ساعة تلفزيونية تظهر مشاهد التعري بواقع 51.2 مرة للبرامج التي تم رصدها في رمضان 2012، وهذا الرقم مخيف جداً، في حين بلغ عدد المشاهد التي تحمل تعبيرات جنسية، سواء كانت لفظية أو محسوسة 23.3 مشهد، والتحرش الجنسي بلغ 1.8 مرة في اليوم الواحد.
يقول ماجد بن جعفر الغامدي الباحث في الإعلام القيمي ورئيس رابطة الإعلاميين السعوديين في أمريكا لـ ''الاقتصادية'': ''الأصل أن جميع مؤسسات المجتمع تسهم في بناء منظومة قيم نبيلة للناس، والعلاقة بينهم علاقة تعاون وليست علاقة تضاد، فعلى سبيل المثال ليس من المناسب أن تبني مؤسسة التعليم بجميع أدواتها قيمة السلام والأمن، والمجتمع يجد في مسلسلات رمضان العام الماضي 1433هـ أكثر من 22 مشهدا عن السرقة وفي بعض الأحيان تكون من البطولة وبصورة الذكي، وكذلك مشاهد القتل أو محاولة القتل بلغت 77 مشهداً، وأيضا مشاهد العراك بالأيدي أو بالأسلحة بلغت 145 مشهداً، أين قيم السلام والأمن والأمان التي تنادي بها المؤسسة التعليمية ثم تأتي الجهات الإعلامية لتناقضها وتنادي بهدمها؟''.
ويضيف الغامدي: عندما تنطلق مؤسسات المجتمع المدني بأشكال مختلفة بحملات توعية عن أضرار المخدرات ثم يأتي الإعلام ومسلسلات رمضان 1433هـ تعرض 356 مشهدا فيه التدخين بأنواعه، وإجمالي المشاهد التي عرضت تعاطي المخدرات بلغ 33 مشهداً، وعدد المشاهد التي عرضت تناول الكحول بلغ 111 مشهداً، يبقى السؤال كيف يكون الانسجام والتعاون المثمر وليس الصدام والتعارض؟ وللأسف يتضح من هذا كله أن الأصل لدى المنتجين لمسلسلات رمضان أنها تجارة بحتة''.