الإنتاج الفني الرمضاني هذا العام ضعيف .. وبلا انبهار
بعد مرور نحو ثلاثة أسابيع من شهر رمضان المبارك يمكننا القول إن الإنتاج الفني سواء كان أعمالا درامية أو برامج موسمية أو حتى الدعاية الترويجية ليست كما كانت تُقدم في السابق، فكما تعودنا في هذا الموسم من كل عام مشاهدة كم هائل من المسلسلات يتخللها كم أكبر من الإعلانات ناهيك عن طوفان البرامج التي كانت تجتاح القنوات على كافة الأشكال يغلب عليها الطابع الديني أو الكوميدي حتى اللقاءات الفنية مع النجوم سارت بلا مضمون، حقاً هذا العام هناك انطباع أخر للمشاهد وشكل آخر للشاشة، فهل تأثرت بما يحدث في الشارع من صراعات فتملك الخوف والقلق الشركات المعلنة وخشيت أن تجازف بإعلان ترويجي لمنتج ما ربما لن يأتي مستقبلاً بعائد يغطي ما تم إنفاقه عليه؟ كلها تساؤلات مطروحة ويجب أن نجد لها تفسير لماذا الإحجام هذا العام؟ هل الخوف من الرهان على حصان خاسر وسط انشغال الناس بما يحدث في الشارع من تطورات لأحداث ملتهبة انعكس سلباً على المتابعة بخلاف ما اعتدناه في السنوات السابقة، فكان المشاهد يترقب أوقات الإعادة على الفضائيات المختلفة حتى يجد ما فاته على الرغم من وجود التوترات السياسية نفسها على الساحة، دعونا نتساءل هل هذا الوقت اختلف عن سابقة وأصبح البحث ينصب بشكل مباشر على خبر مهم أو حدث طارئ أو شيء من هذا القبيل، وبالرجوع للحديث عن تلك الظاهرة الواضحة وضوح الشمس وهي قلة الإنتاجيات نجد أيضاً ضحالة في العناية بالديكورات والإنفاق عليها، فلا يوجد فيها جديد يلفت الأنظار ولم نشاهد عملا ما سواء مسلسل أو برنامج ونحن مبهورين بمحتواه إلا القليل منها، فهل يرجع هذا للإنتاج الضعيف وضآلة المصرفات؟ احتمال وارد لأن أي مستثمر لا بد له من المكسب حتى تكرر التجربة مرة أخرى، لذلك يحاول القائمون علي هذه المنظومة إحداث حالة من التوازن بين العرض والطلب، فالعمل الفني يحتاج إلى عناصر عديدة كي يخرج بالشكل الجيد الذي يحقق للمُنتج العائد الاقتصادي المطمئن ومن ثم تحفيزه على الاستمرار من عدمه، لهذا نجد نوعيات مختلفة من المنتجين ما بين مجازفين ومترقبين، وهؤلاء المجازفون قلة نادرة وبالأخص في ظل التطورات التي تحدث على الساحة من غلق للقنوات وتقييد للحريات، ومن المحتمل أن يكون بينهم تعاقد لعرض الإعلانات على شاشتها، ذلك لأن تغير الأنظمة السياسية يغير المنظومة الإعلامية وهكذا دواليك مع كل مسؤول جديد، لذلك فهناك من يتخوف من إهدار مجهوده بدون فائدة، وفي اعتقادنا أن قلة الدعاية هذا العام ترجع للأسباب التي ذكرناها سابقاً. وهناك تغير ملحوظ على عكس ما كان يحدث في السابق فكلنا عايشنا الملل من كثرة الفواصل الإعلانية التي تتعدى العرض الدرامي نفسه، وكنا نشاهدها بغزارة ملموسة في السنوات السابقة ولن نجزم أنها لم تعد موجودة، بل هي بالمقارنة بسابق عهدها قليلة، بل تحمل صفة الرداءة هذه عن الدعاية التي تُعنى بالسوق المحلي، أما عن الشركات العالمية فهي لا تزال تقدم المزيد، والسبب معروف فهم لا يبحثون عن الشهرة، فهي آخر همهم، ولكن لا بد أن يوجدوا دوماً، فتلك الأسماء الرنانة لا تخاف من أي ظروف طارئة، وهذا مؤكد لأنها مدعومة عالميا، كذلك الرغبة المحمومة للوجود في السوق العربية حتى لا يحتل أحد مكانها، ويجب ألا نغفل أيضاً ملحوظة مهمة وهي اعتماد تلك الشركات في السابق على الفنانين لتقديم مادة إعلانية دسمة، حتى أن هذه الدعاية تستخدم فيما بعد رنة للهاتف المحمول وتستمر التجارة الرابحة طول العام، وهذه الظاهرة أيضا لم تعد موجودة حالياً.
وعلى الصعيد الآخر نجد شركات المحمول ملوك الدعاية الرمضانية، وقد قلصت من الإعلانات التي كانت تبهرنا بها من حيث الشكل والمحتوى الابتكاري الجديد من نوعه، فقد أصبحت هي الأخرى تُتابع في حذر مترقبة لما يحدث مع إثبات وجودها بالبعض القليل من الدعاية الضئيلة التي لا ترقى لمستوى الأعوام السابقة، يمكننا القول إن الكل يناجي ليلاه مصلحته فوق كل اعتبار، لذا نتوقع أكثر من ذلك خلال الفترات القادمة حقاً، الكل متخوف مترقب ينتظر صلاح الأحوال، والضحية في النهاية هو الجمهور الذي بدأ يغير ويعتمد وسائل التواصل الاجتماعي كملاذ من كل هذا لحين استقرار الأوضاع، أسئلة كثيرة في هذا المقال موزعة ما بين المنتج والمستهلك ويجب الإجابة عنها كي يتحقق التوازن بين العرض والطلب.