الدراما الخليجية فشلت في استثمار ساعات رمضان لجذب المشاهدين
فشلت الدراما الخليجية في الاستفادة من فترة رمضان رغم فرصة الحملات التثقيفية الأكبر لاستثمار هذه الفترة، التي تعد من أطول الأوقات، التي يشاهد فيها المشاهدون الخليجيون البرامج التلفزيونية بمعدل ساعات كبيرة، مقارنة ببقية فترة أشهر العام، وذلك وفق دراسات حديثة ورسمية عن هذا الموضوع.
في هذا السياق، يؤكد دكتور عبد الله العساف الأكاديمي المتعاون مع كلية الإعلام والاتصال في كلية الملك فهد الأمنية والرئيس التنفيذي لشركة الاتصال المبتكر للعلاقات العامة، فشل الدراما الخليجية في اكتساب حصة المشاهدين وتقديم الجديد النافع، قائلا إنها تقدم نسخا مكررة من أعمال سابقة أصبحت من الماضي، وأخرى هجينا من الدراما التركية والمصرية، وابتعدت عن ملامسة حاجة الإنسان الخليجي ومناقشة قضاياه الحقيقية الملحة والبحث عن حلول مناسبة لها، وفشلت في المعالجة الفنية للنصوص، وخير شاهد على ذلك ابتعاد بعض الممثلين الكويتيين عن الظهور في أي عمل تلفزيوني هذا الموسم لرداءة النصوص المقدمة.
وأكد ضرورة استثمار ميزة ارتفاع نسبة المشاهدة في تقديم برامج هادفة وجادة في قوالب خفيفة ومقبولة وسهلة الفهم من المشاهد العادي كبرنامج أحمد الشقيري، الذي جمع بين الكلمة والصورة والفلم في حبكة متناسقة ومقبولة من مختلف شرائح المجتمع، معتبرا أن تقديم مثل هذه البرامج وشحنها بالقيم الإيجابية كالتحفيز على العمل والنجاح وتطوير الذات وغيرها تترك أثرا في نفس المتلقي، بشرط الاستمرار في تقديمها بأشكال مختلفة حتى لا يمل المتلقي، فهذا أشبه بالغرس، الذي يحتاج المتابعة والعناية حتى يؤتي الثمرة المرجوة، مشددا أن شهر رمضان فرصة أيضا لحملات التوعية الخاصة بصلة الرحم والتسامح والبذل والعطاء والتطوع، بالإضافة لبعض الحملات التثقيفية الصحية المرتبطة بصحة الصائم كالإقلاع عن التدخين، وبعض النصائح والإرشادات الطبية للمرضى، وتلك الحملات الخاصة بحث الناس على التعاون مع الجهات المختصة في توسعة الحرم من أجل تأجيل عمرتهم في هذا العام. ويأتي هذا التصريح للدكتور العساف بعد أن كشفت دراسة إعلامية حديثة أن معدل مشاهدة الأفراد للتلفزيون يزيد خلال شهر رمضان عن بقية العام، وبحسب استطلاع أجرته شبكة osn المتخصصة في التلفزيون المدفوع لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن واحدا من كل ثلاثة سعوديين يصل معدل مشاهدتهم للتلفزيون من ثلاث إلى خمس ساعات يوميا، مقارنة بمعدل 2.7 ساعة يوميا في بقية العام.
وبين استطلاع للرأي حول عادات مشاهدة التلفزيون في رمضان أن نحو 33 في المائة من الأفراد يشاهدون التلفزيون من ثلاث إلى خمس ساعات يوميا، مقارنة بنسبة 18 في المائة يشاهدونه من خمس إلى سبع ساعات يوميا، و35 في المائة يشاهدونه من 1-3 ساعات يوميا.
وتعتبر المسلسلات هي أكثر البرامج مشاهدة خلال شهر رمضان، حيث اختار أكثر من 50 في المائة من المشاهدين مشاهدة الدراما المصرية والخليجية والسورية والتركية، مقابل 65 في المائة أكدوا أهمية مشاهدة الدراما التركية قبل أي نوع من الدراما، واختار الغالبية من المشاهدين بنسبة 85 في المائة مشاهدتهم برنامجهم المفضل، الذين اعتادوا مشاهدته بقية العام. وشددت الدراسة على أن 89 في المائة من الأفراد يتضايقون من الإعلانات، التي تقتحم البرنامج أو المسلسل الذي يتابعونه، وهو ما يدفعهم لتفضيل المشاهدة عبر الإنترنت أو تطبيق الهاتف.
كما أن بعض الدراسات الإعلامية تبين أن 30 في المائة من المشاهدين يتحولون لقناة أخرى أو ينصرفون لإجراء مكالمة أو صنع كوب من القهوة أثناء فترة الإعلانات، وعلى الرغم من أنها مزعجة لكن لولا الإعلان لما استطعنا مشاهدة هذه المسلسلات ولما تعددت القنوات، ولا يعتقد أن الإنترنت بديلا للتلفزيون كونه ما زال في بدايته والكثير يشكو من ضعفه وتقطعه، إضافة إلى الوقت الذي يحتاج إليه عرض الحلقة على الإنترنت بعد رفعها، مشيرا إلى أن نسبة 89 في المائة التي تضايقهم الإعلانات صحيحة، لكنها من الصعب أن تكون هي نفس النسبة التي تشاهد عبر الإنترنت فهي نسبة كبيرة جدا وغير واقعية.
ويعود العساف ويرجع سبب زيادة استهلاك مشاهدة التلفزيون إلى تغير نمط الحياة بالنسبة للسعوديين بشكل كبير في هذا الشهر فوقت الذروة الأول يصبح في الفترة من أذان المغرب إلى صلاة العشاء، حيث تجتمع الأسرة على مائدة الإفطار، الذي يكون الوقت المفضل لمشاهدة التلفزيون، لذا تكثف المحطات الفضائية خلال شهر رمضان على البرامج والمسلسلات والمنوعات الفنية لإرضاء المشاهد وجذب أكبر قدر منهم بهدف كسب المعلن، الذي يعتبر العمود الفقري لأي وسيلة إعلامية، ثم يأتي وقت الذروة الثاني بعد صلاة التراويح، حيث اعتاد الناس السهر حتى صلاة الفجر وهي فترة ذهبية أيضا للمحطات التلفزيونية تسعى لملئها بالمسلسلات الدرامية والتاريخية، التي تشد المشاهد حتى نهاية الشهر الكريم، هذه العوامل جعلت من المشاهد لصيقا بالتلفاز بشكل يومي طيلة أيام هذا الشهر، وفي ظل التسابق المحموم بين القنوات الفضائية للفوز بالمشاهدين يبقى الفيصل هو المشاهد، الذي يصبح انتقائيا فيما يعرض عليه، وأصبحت مشاهدة التلفزيون وجبة رمضانية يومية ربما لا يحرص عليها بعض المشاهدين إلا في هذا الشهر.
يذكر أن الاستطلاع تم بين شهري حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) 2013، على نحو ألف من مشاهدي التلفزيون في منطقة الشرق الأوسط 86 في المائة منهم سعوديون.