السعوديات يعملن في المطاعم !!
لو أخذنا جولة سريعة في محرك البحث الشهير قوقل وكتبنا " للأكلات الشعبية "، سوف نجد العديد من الأسماء التي تبيع الأكلات الشعبية، مثلا أم صالح و أم عبدالله وأم يوسف .. الخ ، للأكلات الشعبية،وهن نساء امتهن مهنة بيع الأكلات الشعبية من بيوتهن في العديد من المدن داخل السعودية،هذا بالإضافة للمعرفات الموجودة في مواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيس بوك،لفتيات كذلك يقمن ببيع الحلويات مثل الكوب كيك وغيره،وهن جميعا استطعن أن يكسبن ثقة العديد من العملاء الذين تعاملن معهن في السابق، وأصبحن كذلك يعملن بشكل أكثر احترافية من ناحية التسويق، بتصوير ما يقمن به من أكلات أو حلويات، ويضعن السعر ورقم الهاتف للطلب على كل منتج، إلا إن اغلبهن لا يستطعن البيع بطريقة مباشرة كما في المطاعم الموجودة في الأماكن العامة، أي إنهن يستقبلن الطلبات قبلها بيوم،حتى يضمن بيع ما يقومن بإعداده .
مثل هذه المشاريع الصغيرة استطاعت أن توفر دخل شهري مجزي لكثير من الآسر الفقيرة أو التي تحتاج إلى دخل أضافي يساعدها على توفير حياة أفضل،لكن في أي حال من الأحوال فهؤلاء النساء والفتيات لا يستطعن منافسة المطاعم الرسمية، وذلك لعدة عوامل من أهمها محدودية الزبائن وفقا للطاقة التي يستطعن تجهيزها من الأطعمة، كما إنهن لا يستطعن الطهي بشكل يومي وسريع،بالإضافة إلى عدم وجود رأس مال يستطعن من خلاله تجهيز المكان والأفران والمعدات والثلاجات الخاصة بحفظ الخضروات والفواكه بكميات كبيرة كما هو حال المطاعم.
قرار وزارة العمل بالسماح للمرأة بالعمال في المطاعم الرسمية هو مجرد إجراء تنظيمي لواقع موجود، وهو سوف يخدم شريحة لا بأس بها من المجتمع من ناحية البطالة في الأوساط النسائية، وبالتحديد في النساء اللاتي لا يحملن شهادات، ويعملن في منازلهن، ولكن لا يملكن المكان أو المال أو حتى يردن الاستعانة بنساء أضافيات يساعدهن في إعداد الأطعمة، لان البعض منهن يحتجن إلى الاستعانة بالخادمات المنزلية لمساعدتهن.
البعض في مواقع التواصل الاجتماعي علق على الخبر بأنه باب شر سوف يجعل المرأة سلعة تسويقية لتجار المطاعم،وهذا أمر غير صحيح،فالمرأة التي سوف تعمل في تحضير المأكولات سوف تكون في مطبخ مغلق، ومن يعمل معها في نفس المكان هن نساء،ولن يراهن الزبائن بأي حال من الأحوال. والبعض الأخر علق هل يعقل أن تعمل المرأة في اكبر بلد مصدر للنفط في المطاعم ؟ وهذا مبرر غير منطقي،فهل وجودنا في اكبر بلد مصدر للنفط ، يعني أن لا نعمل ؟ فكثير من الدول المتقدمة والغنية يوجد بها من يعمل في المهن اليدوية ومن الجنسين. ومن الناحية الشرعية هل الوظائف الحرفية أو المتدنية عن غيرها محرم العمل بها شرعا ؟
الكثير من الرسل والأنبياء عملوا في المهن اليدوية مثل النجارة ورعي الأغنام،ومن النساء زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد رضي الله عنها التي كانت تعمل في مجال التجارة، وهذه أمثلة لمن يدعي أن الأعمال يجب أن تتوافق مع مكانة الشخص سواء العائلية أو الدولة التي ينتمي لها،كما أن زوجة الرسول صلى الله خديجة بنت خويلد لم يمنعها الرسول من عملها في التجارة،بل يروى إنها وسعت مجال عملها في التجارة بعد إسلامها،وهذا دليل أن الإسلام ليس عائقا أمام عمل المرأة متى ما كان في أمر مباح .
حجم سوق المطاعم في السعودية يبلغ قرابة 30 مليار ريال،وعدد المطاعم العائلية يبلغ قرابة 17 ألف،وهذا يعني انه قطاع حيوي اقتصاديا،ويجب أن ينعكس على سوق العمل من الجنسين بالتوظيف،كما يجب أن يفتح مجال المنافسة للراغبين من الجنسين في دخول لهذا المجال عن طريق برامج دعم المشاريع الصغيرة،مثل صندوق المئوية أو باب رزق جميل،التي تقدم المساعدات المالية والاستشارية للراغبين في العمل التجاري.
أتمنى التوفيق للمرأة في تجربة العمل في المطاعم، وأتمنى أن يوفر لها كل ما تحتاجه من مكان آمن ومريح،ووسيلة مواصلات مناسبة، حتى تستطيع العمل بالطريقة التي تناسبها، كما أتمنى من يعارض عملهن في هذا المجال أن يفكر في توفير بيئة مناسبة لهن،و أن لا يقف في طريق عملهن في هذا المجال من باب سد الذرائع فقط،فبعض هؤلاء النساء يحتجن إلى دخل شهري،ونحن لم نستطع مساعدتهن مادياً،لذلك يجب على الأقل أن نساعدهن بالتشجيع والمطالبة لهن بتوفير بيئة عمل مناسبة .