«الحج الصحيح يبدأ بتصريح» (2 من 2)

كما ذكرت في المقال السابق أن متطلبات وتنظيمات الحج لهذا العام والأعوام المقبلة ـــ بإذن الله ـــ تتطلب الكثير من الجهد والتطوير لمختلف الأنظمة الحالية والقضاء على الظواهر السلبية التي يتم رصدها في مواسم الحج الماضية وتكليف فريق عمل من جميع المختصين في شؤون الحج لتطوير كل متطلبات تطوير إجراءات ووسائل ومتطلبات واحتياجات مختلف الأجهزة المعنية بتقديم خدمات الحج لضيوف الرحمن حتى نحقق لهم أداء شعيرة الحج بكل يسر وسهولة وطمأنينة، لهذا فإن اتخاذ بعض الإجراءات التطويرية الهادفة إلى معالجة أهم الظواهر السلبية في الحج المتمثلة في الزيادة العالية لمن يحجون دون تصريح أو ما يسمون الحجاج غير النظاميين الذين أثبتت كل المسوحات الميدانية والدراسات والمشاهدات اليومية أثناء الحج أنهم أحد أهم أسباب فشل الكثير من الخطط التي توضع لخدمة ضيوف الرحمن من الحجاج النظاميين لأنهم السبب في افتراش الطرقات والممرات ومضايقة الحجاج النظاميين في دورات المياه وخدمات الإعاشة التي تقدم للحجاج النظاميين، إضافة إلى اعتدائهم على مخيمات الحجاج النظاميين وإعاقتهم أعمال النظافة وجمع القمامة ومشاركتهم في الزيادة العالية للقمامة نظراً لما يستخدمونه من مواد استهلاكية وفرش وخيام مؤقتة وغيرها مما يتركونه خلفهم في رحلة من رحلات الحج بين مكة ومنى وعرفة ومزدلفة ثم منى ومكة مرة أخرى.
كما أن الحجاج غير النظاميين من أهم الأسباب المربكة لتنظيم نفرة الحجاج إلى مشعر عرفة ومنها إلى مشعري مزدلفة ثم منى ومكة لأنه لا يمكن تنظيمهم بسبب عدم وجود مرجعية مؤسسية لهم يمكن التواصل معها وهم بذلك يتصرفون ويتحركون بطريقة عشوائية، ما يؤدي إلى اختناق الطرق بهم وما يصاحب ذلك من فوضى في الرجم واستخدام وسائل النقل العام مثل القطار والترددية وهو ما حدث العام الماضي من إرباك للتفويج على قطار المشاعر ودخول أعداد كبيرة جداً من الحجاج غير النظاميين في المواقع المخصصة لمحطات القطار في مشعري عرفة ومزدلفة، ما أدى إلى تداخل الكتل البشرية بين الحجاج النظاميين والحجاج غير النظاميين ولولا لطف الله لحدث ما لا تحمد عواقبه، كما أن المشاة من الحجاج غير النظاميين أصبحوا أهم معوق لحركة الحافلات الترددية وحافلات النقل الواحد بسبب دخولهم في الممرات المخصصة لتلك الحافلات وهو ما لا يحدث من الحجاج النظاميين لوجود شركات ومؤسسات ومطوفين مسؤولين عنهم وتشمل تلك المسؤولية النقل والسكن والإعاشة.
إن فريق حملة ''الحج عبادة وسلوك حضاري'' وهو يضع الصورة الحقيقية والواقعية لكل ظروف وإجراءات وسلبيات الأعمال في الحج سواء من مقدمي الخدمة أو من متلقيها فإنه يصنعها كي يقدم الحلول بالشراكة مع جميع المستفيدين حتى يحقق الحج بإذن الله ـــ سبحانه وتعالى ـــ كل الأهداف الموضوعة له وعلى رأسها توفير الراحة والأمان لضيوف الرحمن لأداء شعيرة الحج وإبراز هذه الشعيرة غير المسبوقة للعالم أجمع كنموذج للانضباط واحترام النظام من جميع المسلمين من خلال الالتزام بكل أنظمة الحج، كما نعلم جميعاً أن جميع القنوات الفضائية السعودية والعربية والعالمية ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي تقوم بنقل حي ومباشر لكل شعائر الحج ومختلف الكاميرات تقوم بجولات ولقاءات مع الحجاج وتأخذ مرئياتهم وانطباعاتهم عن الحج والخدمات المقدمة من مختلف المؤسسات والأجهزة الحكومية وغيرها، وهذه القنوات والكاميرات التلفزيونية ومختلف أجهزة التصوير والنقل لا تكون جميعها تبحث عن الإيجابية ولكن بعضها يبحث عن الإساءة لكل عمل تقدمه حكومة المملكة العربية السعودية للحجاج حتى تستغل مثل هذه الثغرات لإظهار المملكة بأنها غير قادرة على القيام بخدمة ضيوف الرحمن ونحن نعرف جميعا أغراضهم الخفية لمثل هذه الحملات المسيئة، ولهذا عندما نسمع بمثل هذه السلبيات ولا نعمل على معالجتها فإننا نكون عونا لهم ضد بلدنا المملكة العربية السعودية.
إن التهاون أو عدم المبالاة أو الخوف من النقد من تبني أي توجهات خيرة لخدمة هذه الشعيرة الإسلامية العظيمة من ناحيتين، تحقيق أداء الشعيرة بكل يسر وسهولة وفي الوقت نفسه إبراز الإسلام كدين منظم يدعو إلى احترام حقوق الآخرين والأنظمة المعتمدة لأي عمل وتقضي على أي شائعة تحاول أن تبرز العمل بالشكل المنقوص، ولهذا يجب أن نعمل جميعاً لدعم حملة ''الحج عبادة وسلوك حضاري'' ونؤكد جميعاً أهمية الحج بتصريح وألا نكون عونا لأي مخالف لأنظمة الحج احتراما لهذه الشعيرة وتقديرا لزملائنا الذين يقدمون كل غال وثمين من أجل هذه الشعيرة. وفق الله الجهود التي تعمل من أجل وطن سعودي الانتماء، عربي اللسان، إسلامي المعتقد وعالمي الطموح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي