قتل معلم ظلما كقتل أمة !
يعمل كثيرا في الظل ولا يبحث عن الأضواء، بل إن الاهتمام الإعلامي به قليل جدا، فمتى سمعنا عن مسابقات وتكريم للمعلم في التلفاز ؟ ومتى سمعنا عن تخصيص صفحات في الجرائد عن هموم المعلم والمعلمة، وقد يزعم قائل : هل يستحق منا كل هذا الاهتمام ؟ نعم وألف نعم، فلولا الله ثم جهوده وبذله ما أصبحنا مهندسين ولا أطباء و لا محامين ولا مدراء و لا وزراء، وصدق الشاعر حين قال : كاد المعلم أن يكون رسولا، ولكنه وللأسف هو الرسول المجهول.
أغلب الدول تخصص يوم الخامس من أكتوبر من كل سنة يوم عالمي للمدرس أو المعلم، وقد مر علينا هذا اليوم بسلام وهدوء، فهل سمعتم عنه شيئا ؟ هل هتفنا أو احتفلنا أو أكرمنا المعلم؟ بل إن السنة كلها ينبغي أن تكون تكريما وتوقيرا للمعلم، ولكن الوضع هذه الأيام أصبح أسوء بالنسبة له من ذي قبل.
قبل عدة سنين خلت، وبالتحديد في الثمانينات من القرن الماضي، وهي الفترة التي عايشتها كطالب، كانت هناك لا تزال بقايا هيبة ورهبة للمعلم، ولكن مع مضي الوقت انتقلت تلك الهيبة والحقوق للطالب أكثر منها للمعلم، ويبدو أن البساط قد سحب من تحت قدميه، فصرنا نهتم كثيرا بالطالب وكتبه، وحقوقه وتقليل ساعات دراسته، ونسينا في خضم ذلك المعلم الذي أصبح آخر اهتمامنا، مع أنه هو الأساس لأي منظومة تعليمية، إنه كالأب وألام في البيت.
لقد فقد المعلم هيبته تدريجيا بسبب إهمالنا، ففي البداية كنا نهاجم أسلوبه وشدته، ونقف مع الطالب في وجهه، وفي هذه المرحلة بدأ الطالب يرفع صوته ويتهجم على المعلم لفظيا وينتصر لنفسه في كل صغيرة وكبيرة، فلم نحرك ساكنا، ثم بدأت مرحلة ضرب المعلم وتخريب سيارته وممتلكاته، فتهاونا في الردع، حتى وصل الأمر إلى مرحلة القتل ! بل وللأسف الشديد إن مسألة عقوبة قاتل المعلم أصبحت من النوادر والطرائف التي يُتندر بها عبر وسائل التواصل الاجتماعي .فماذا بعد القتل بالله عليكم ؟ إن قتل معلم واحد ظلما هو كقتل أمة !.
التربية والتعليم في مجتمعنا تقوم على ثلاثة أعمدة، العمود الأول هو البيت، والثاني هو المدرسة، والثالث هو المسجد. والمعلم هو قاعدة عمود المدرسة، وهو أهم من المدير والوكيل والمراقب والمشرف وغيرهم، بل هو أهم من بناء المدارس وتطوير المناهج ! فهو أكثرهم حملا لهموم التعليم والطلاب، ومع ذلك هو أقل راتبا ومميزات مقارنة بغيره من الطبقة الوسطى، وهو أيضا أقل اهتماما من قبل المدراء والمسؤولين.
مشكلة المعلم ببساطة أنه هو الذي يزرع وغيره يحصد.