أخيراً .. مشروع الرقابة الإلكترونية على الأجهزة الحكومية
في بداية شهر كانون الأول (ديسمبر) 2013، سيقوم ديوان المراقبة العامة بترسية عقد تنفيذ مشروع المنظومة الإلكترونية للرقابة العامة (وتعرف بـ ''شامل'') على إحدى شركات تقنية المعلومات.
حيث يتوقع أن يسهم هذا المشروع ''الإلكتروني'' الكبير - الذي كنا ننتظره منذ تسع سنوات - في مراقبة أداء الجهات الحكومية الخاضعة لنظام الديوان من خلال متابعة 35 عملية إلكترونية.
ويأتي تنفيذ المشروع استجابة لقرار مجلس الوزراء السعودي الذي صدر قبل تسع سنوات (رقم 235، وتاريخ 20/08/1425هـ)، القاضي بالموافقة على توصيات الندوة الأولى التي نظمها ديوان المراقبة العامة حول سبل تعزيز التعاون مع الجهات الحكومية المشمولة برقابته، إذ طالبت الفقرة الثالثة من القرار بأن تسرع الجهات الحكومية في تبني استخدام أنظمة الحاسب الآلي في جميع العمليات المالية والمحاسبية والتحول من الوسائل التقليدية في مسك السجلات وإعداد الحسابات والبيانات المالية إلى الوسائل الإلكترونية.
كما يأتي المشروع الإلكتروني استجابة لقرار آخر من قرارات مجلس الوزراء (رقم 40، وتاريخ 27/2/1427هـ)، القاضي في فقرته الخامسة: ''أن على كل جهة حكومية القيام بإدارة قواعد المعلومات والبيانات التابعة لها''، واستنادا إلى الأمر السامي رقم 4799/م ب، وتاريخ 28/5/1430هـ، والقاضي في فقرته الأولى ''أن على الجهات الحكومية الإسراع في الارتباط آليا مع ديوان المراقبة العامة ليتم تبادل البيانات آليا''.
وللتوضيح، فإن ديوان المراقبة العامة يختص وفقاً للمادة السابعة من نظامه بالرقابة اللاحقة على جميع إيرادات الدولة ومصروفاتها وكذلك مراقبة أموال الدولة المنقولة والثابتة كافة ومراقبة حسن استعمال هذه الأموال واستغلالها والمحافظة عليها.
كما يختص الديوان بموجب قرار ''اللجنة العليا للإصلاح الإداري'' (رقم 157 وتاريخ 9/9/1405هـ، المعتمد بالموافقة السامية (رقم 7/507/م وتاريخ 28/3/1406هـ) بالرقابة على أداء الأجهزة الحكومية للتأكد من استخدام الجهات المشمولة بالرقابة لمواردها بكفاءة وفعالية، والتحقق من نجاح تلك الجهات في تحقيق الأهداف المرسومة لها، كما أناط مجلس الوزراء بالديوان مهمة متابعة إنشاء وحدات ''المراجعة الداخلية''، وتفعيل دورها في الأجهزة المشمولة برقابة الديوان.
ووفقا لديوان المراقبة العامة، فإن منظومة ''شامل'' ستراقب 35 عملية إلكترونية بصورة دورية لضبط أداء الجهات الحكومية، منها: النظام الأساسي واللوائح المالية والإدارية، والهيكل التنظيمي، وميزانية الجهة وتعليمات تنفيذها للسنة المالية محل الفحص، وقرار الصلاحيات، وكشوف الحسابات البنكية، وقرارات مجلس الإدارة والقرارات الإدارية ذات الصلة، وبيانات السيارات الرسمية ومستلميها، والجدول الشهري للإيرادات والمصروفات، وأوامر اعتماد الصرف وملف البيانات الأساسية للموظفين، ومسيرات رواتبهم.
وعلى الصعيد ذاته، سيتمكن الديوان من متابعة التقارير التشغيلية والفنية بكل أنواعها، وتقارير مؤشرات الأداء KPI’s للجهات الحكومية بصورة ربع سنوية.
وحيث إننا نتطلع بكل لهفة إلى تدشين المنظومة الإلكترونية للرقابة العامة (شامل)، فلا بد أن نشير إلى الفرص والتحديات التي قد تواجه هذا المشروع الكبير والقائمين على تنفيذه، وتتمثل أبرز الفرص في النقاط التالية:
- الحد من حالات الفساد الإداري والمالي وتعزيز التوجه نحو النزاهة والشفافية.
- توفير لوحة تحكم dashboard أمام مجلس الوزراء ومجلس الشورى تكشف لهما المؤشرات الحقيقية لأداء كل جهة حكومية (مراقبة الكفاءة والفعالية) بدلا من إضاعة الوقت في قراءة التقارير السنوية (الإنشائية) لتلك الجهات، وبالتالي يمكن محاسبتها على التقصير.
- تعزيز التوجه نحو الحكومة الإلكترونية عن طريق التخلص من الأساليب التقليدية (الورقية) لإتمام العمليات الإدارية والمالية والمحاسبية والتحول إلى الوسائل الإلكترونية e-Audit بما تتمتع به من سرعة وسهولة في التنفيذ والحفظ.
- تعويد الجهات الحكومية على قياس الأداء، بل إلزامها بذلك، علما أن ''مركز قياس الأداء للأجهزة الحكومية'' التابع لمعهد الإدارة العامة أجرى دراسة عام 2011 على 26 جهازا حكوميا متجاوبا (من أصل 29 جهازا) عن مدى جاهزية الأجهزة المدروسة لتطبيق قياس الأداء، وتبين أن من بين المعوقات التي تعرقل نشر ثقافة قياس الأداء في القطاع الحكومي: ضعف مستوى الوعي بأهمية قياس الأداء (88 في المائة)، وضعف التشريعات والأنظمة الملزمة بقياس الأداء (77 في المائة)، وقلة توافر قواعد البيانات لغرض قياس الأداء (42 في المائة).
أما أبرز التحديات المتوقعة التي قد تواجه مشروع المنظومة الإلكترونية للرقابة العامة (شامل)، فإنه يتمثل في تحديين رئيسين، الأول: عدم تجانس المنظومات الإلكترونية ERP في جهاتنا الحكومية، فكل جهة تعتمد على منظومة مستقلة (أوراكل أو غيره)، وكنت أتمنى أن تتوحد الجهات الحكومية في منظوماتها الإلكترونية، مما يسهل عملية ربطها مع ديوان المراقبة العامة، بل يقلص كثيرا من تكلفة الربط الإلكتروني.
أما التحدي الآخر، فهو مقاومة التغيير، إذ قد تتلكأ بعض الجهات الحكومية عن المشاركة في الربط الإلكتروني، أو تماطل في توفير المعلومات اللازمة.
وأخيرا..
كل التوفيق والنجاح نتمناه لديوان المراقبة العامة في جهوده لتنفيذ مشروع ''شامل''، وصورة مع التحية نرفعها لـ ''الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد''.
* كاتب ومستشار في إدارة الموارد البشرية