المرأة سقطت سهواً من حسابات المسؤولين عن البرامج الرياضية

المرأة سقطت سهواً من حسابات المسؤولين عن البرامج الرياضية

يتساءل الكثير عن دور المرأة الأكبر من خلال تقديم البرامج الرياضية من خلال القنوات الرياضية التي انتشرت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، حيث انحصر دور المرأة فقط في تقديم النشرات الإخبارية وغيابها التام عن البرامج المحورية والرئيسة التي تمثل لب برامج هذه القنوات المتخصصة.
وهنا نعود لنؤكد أن مقولة المرأة تشكل نصف المجتمع أصبحت مقولة تستخدم للاستهلاك اليومي وتتردد كثيراً على الألسنة، لدرجة أنها أصبحت مستهلكة وقديمة وبعيدة كل البعد عن الواقع الذي نلمسه لأننا ببساطة لا نعمل بها، مما يجعلنا نفكر ونتساءل :هل هكذا بات حال المرأة مجرد أقاويل رنانة لا تغني ولا تأتي بثمار؟ والسبب هو تحجيم دور المرأة وعدم الاستعانة بها في الكثير من المهام مع العلم أنها قوة ناعمة لا يستهان بها، فأين المرأة من تقديم البرامج الرياضية التي غزت الشاشات دون سابق إنذار فلم تجد إقبالا بالشكل المطلوب على تقديم المرأة لمثل هذه النوعية من البرامج حتى تثبت مقدرتها في هذا المجال المُهم، ولكننا في المقابل وجدنا هجمة ذكورية على تلك البرامج بشكل لافت والسبب غير مقنع، فالبعض يرى أن طبيعة الرياضة لا تليق بالمرأة أن تقدمها لأنها لا تعي فيها الكثير، على حد قولهم، في الوقت الذي غاب عنهم أن المرأة اقتحمت الكثير من الألعاب الرياضية مثل كرة القدم وكرة السلة والكرة الطائرة والتايكوندو والراليات والفروسية والسباحة والتنس والمصارعة النسائية التي تشهد إقبالا وتطورا كبيرا وغيرها من الرياضات سواء العنيفة أو الناعمة، والأهم من ذلك أنها نجحت وحصلت على بطولات دولية عديدة وجوائز ذهبية في هذه الألعاب. وهذا ما يجعلنا نتساءل إذا كانت تلك البرامج تعتمد دائماً على كوادر ورواد في هذا المجال فلماذا لا تستعين بالمرأة وبالتحديد من هؤلاء المشهود لهن بالنجاح والتحدي، وعلى الأقل ستكون لديهن دراية بما يقدمن. ولكن هيهات فالحديث لا معنى له طالما لا توجد مبادرات على أرض الواقع وقنوات تقوم بالفعل بالاستعانة بالمرأة في برامج ذات أهمية ولو ذكرنا بعض تلك القنوات على المستوى الخليجي سنجد التلفزيون السعودي بقنواته الرياضية الست والتي تعطي اهتماما كبيراً لكافة أنواع الرياضة ولكن من دون مشاركات نسائية تذكر من أي نوع، فجميع من يعملون تحت سقفها من محللين ومقدمين ومعلقين هم من العنصر الرجالي البحت ولا ندري ما السبب في ظل وجود العديد من الرائدات في هذا المجال وعلى سبيل المثال هناك السباحة السعودية ياسمين الخالدي صاحبة الميدالية الذهبية في أولمبياد لندن العام الماضي، ولاعبة التايكوندو وجدان علي، والشيخة ميساء بنت محمد بن راشد بطلة الألعاب القتالية، والعديد من الرياضات على المستويين الخليجي والعربي اللواتي تَميزن في السنوات الأخيرة ومثلن أوطانهن بالشكل الأمثل وهذا الكلام ينطبق على القنوات الرياضية الأخرى سواء التي تعتمد على المحتوى الرياضي أو القنوات المنوعة التي تقدم برنامجا أو أكثر وتستعين بالرياضيين السابقين أو الذين تقاعدوا وفضلوا هذا المجال الذي يُؤمن لهم مستوى معيشي مناسب، وفي الوقت ذاته لم يبعدهم عن المجال المحبب لهم. وهناك على سبيل المثال حارس المرمى السابق أحمد شوبير واللاعب خالد الغندور والكابتن مدحت شلبي، تلك الوجوه التي اعتاد عليها المشاهدون، وهنا مربط الفرس الذي يجعلنا نتساءل لماذا لا تتواجد المرأة في الميدان الإعلامي الرياضي لثبت نفسها هي الأخرى في مجال أحبته؟ أم أن هناك أسبابا أخرى هي التي تمنعها من المشاركة؟ ومنها مثلاً الشكل الرياضي الجذاب والذي يملك صاحبة مواصفات لا توجد في العنصر النسائي مثل العضلات المفتولة للاعبين والتي أصبحت المحرك الأساسي الذي يجذب الجمهور ويستحوذ على الإعجاب العام سواء من الجمهور النسائي أو الرجالي أو السبب في الضيوف الذين ينقضون على تلك البرامج بشهية مفتوحة بهدف التهامها سواء بالألفاظ أو التعصب والكثير من التناقضات التي لا تحتملها المرأة وتفقد حينها السيطرة على حوار فيه يتفوق الصوت العالي على الحجة والمنطق ما يجعلها تخرج عن شعورها وهذا لا يروق لهؤلاء الضيوف أحياناً وبدورهم يفضلون الإعلامي الرياضي الرجل حتى يحتمل هذا المزاج الخالي من الصفاء عادةً، أم أن هناك أسبابا أخرى مثل اعتياد المشاهدين على الطلة الرجالية؟ ومن ثم سارت غالبية البرامج على نفس المنوال وكأنها سلسلة متشابكة لا تنتهي، وهدفها الوحيد هو الأحجام عن المرأة في نفس الوقت الذي نجحت فيه بل تفوقت على نفسها في العديد من المجالات المختلفة باستثناء بعض الأعمال التي يستحوذ عليها الذكور في مجتمع يشجع ويبارك ذلك. أما من ناحية تقديم البرامج المنوعة والبرامج الفنية ونشرات الطقس والأخبار وبرامج التوك شو السياسية التي تحتوي على مناقشات أشد وطأة من نظيرتها الرياضية نجحت المذيعة الأنثى وأثبتت نفسها، وهناك أسماء يشار إليها بالبنان.
لهذا لابد أن يكون هناك تحرك سريع من قبل الفضائيات الرياضية لكي تُقدم المرأة بالشكل اللائق للاستفادة من دورها الفعال، وهناك قامات رياضية نسائية كثيرة يسهل الاستعانة بها وهي على أتم استعداد لتقديم المزيد لدعم الإعلام الرياضي. وقد شاهدنا من قبل بعض المشاركات النسائية ولكن سرعان ما تُراجع القنوات نفسها وتَعدل عن قرارها وتقوم بإلغاء تلك البرامج التي تقدمها امرأة، وهذا ما جعل مشاركتها في تلك البرامج تعد مجازفة لا يقدر عليها أصحاب الفضائيات الذين اعتادواً نهجا معينا وساروا عليه، حتى أنها أصبحت عادة والخوف أن تُورث هذه العادة مستقبلاً في الوقت الذي سبقتنا فيه الكثير من الدول الغربية في الاستفادة من الرياضيات السابقات بجعلهن محاورات ومعلقات ومقدمات برامج ذات صيت وسمعة جيدة. فهل نحذو حذو تلك الدول كالمعتاد أم أننا سنظل ندور في حلقة مفرغة لا تأبه بأي شيء سوى إرضاء المعلن الذي يطلب اسما معينا ولابد من الموافقة عليه خشية غضبه على البرنامج وسحب إعلاناته التي باتت المتحكم الرئيس في الكثير من البرامج.
ولذلك لابد من صرخة تنادي بحقوق المرأة في كافة المجالات، بل وتكون هذه الصرخة مدعومة من كافة الأطراف التي طالما نادت باستماتة إلى المساواة العادلة بين الطرفين. هذا بالنسبة للبرامج الرياضية فحسب ناهيك عن بعض المجالات الأخرى التي تحتاج إلى دفعة نسائية ناعمة تدعمها وتساعد على تطورها.

الأكثر قراءة