«أراب جوت تالنت» نسخة مُكررة من الضحك والإيماءات دون معنى
نال برنامج ''أراب جوت تالنت'' الكثير من أسياط النقد هذه المرة من معظم النقاد والمهتمين بعد أن شهدت الحلقة الأولى ارتباكا في جميع النواحي من البث المباشر لبرنامج اكتشاف المواهب العربية ''أرب جود تالنت''، واتضح هذا الأمر في عدة جوانب أهمها ردود اللجنة التي اعتاد عليها المشاهدون.
فالمعطيات الأولية كشفت أنه لا يوجد تَغيير يذكر حتى في طريقة تعاطيهم مع كاميرات البث المباشر كانت غير مدروسة بالمرة، ولم يكن هناك من يوجههم؛ لذلك فالكل يحاول إظهار الصورة المثالية أمام أعين المتابعين للبرنامج ناهيك عن التعليقات التقليدية التي حفظها المشاهد عن ظهر قلب لنجد بعد ذلك الطامة الكبرى؛ وهي تتجسد أمامنا في المواهب نفسها التي اختارتها اللجنة بعد عناء أربعة أشهر لدرجة توقع المشاهد أن البرنامج هذا الموسم ستكون له بصمة متفردة بعيدة عن النمطية، ولكننا وجدنا أنفسنا أمام نسخة مُكررة من الضحك والإيماءات تارة والمدح في الموهبة ''الفذة'' تارة أخرى؛ هذا كله بدون معنى وكأن الموهبة التي نُشاهدها مذهلة لم يأتِ الزمان بمثلها؛ وهي في الحقيقة لا تمت للإبداع بأي صفة، بل هي حتى لا ترقى للمستوى المقبول، على ما يبدو أن كل فرد من اللجنة لم يكن على قدر من الاستعداد لحلقة البث المباشر؛ والدليل أين اللياقة وسرعة البديهة التي شاهدناها تَتجلى في الحلقات المسجلة أم أن المسألة هنا متعلقة بطبيعة البث المباشر الذي يؤدي لردود فعل سلبية إذا ما كان هناك تنظيم وتنسيق في النواحي كافة؟ وهذا ما حدث من هرج ومرج ومواهب إن جَازَ التعبير جاءت للرقص فقط سواء تراثي أو غيره، المهم لا جديد، وكان من باب أولى للقائمين على البرنامج التحضير الجيد حتى تخرج الحلقة الأولى التي تَرقبها الجميع بالشكل الأمثل، بل وتخطف الأنظار في الوقت نفسه، ولكن على ما يبدو أن انشغال العاملين في القناة الأم بالإعلان عن القناة الجديدة التابعة لمجموعة ''إم بي سي'' والمتخصصة في بث الأفلام الهندية شغلهم عن التحضير الجيد للحلقة الأولى من البرنامج الذي انتظره الجمهور شهوراً طويلة كانوا يتابعون فيها حلقات البرنامج مسجلة، وحتى نكون مُنصفين فالقناة من حقها أن تقدم العون لأي قناة وليدة في مجموعتها والترويج لها بأي شكل واختيار البرنامج الأمثل للإعلان عنها فيه، ولكن هل كانت فكرة صائبة أن يتم ضرب عصفورين بحجر واحد كما يقولون، وهل نجحت الفكرة حتى أن المشاهدين تركوا البرنامج وذهبوا ليروا الأفلام الهندية المدبلجة على تلك القناة الوليدة؟ من المؤكد لم يحدث؛ لأن هذه الفكرة موجودة أصلا والشاشات تعج بها والأفلام الهندية باتت مثل الوجبة اليومية، هكذا أخفقت القناة وأضاعت التركيز قليلا عن البرنامج الأساسي وهو ''أرب جود تالنت'' بسبب استضافة النجمة الهندية التي ظلت محور الحلقة حتى في تعليقات الناس على مواقع التواصل، وعلى الرغم من ذلك مرت الحلقة بسلام، ولكن يبقى التعليق الذي لا بد أن تَعيه القناة: أن من يروج لشيء ما عليه أن يضع في الحسبان أنه قد يُضيّع مجهودا طويلا في لحظة؛ لأن الكثير من المشاهدين ليست لديهم القدرة على استيعاب تلك المفاجآت من برنامج وقناة وممثلة هندية ومواهب دون المستوى .. فلماذا إذن وضعت القناة نفسها في هذا الوضع الغريب والعجيب؟! هذا عن الفقرات الكثيرة التي أضاعت علينا التركيز، بل جعلتنا مشتتين ما بين الحزن على تلك المواهب التي جلست قرابة الأربعة أشهر على أمل الحلقة الأولى كي يعرضوا كل ما لديهم من إمكانات وفي ثوانٍ وجدناهم خارج المسرح وكأنهم لم يفعلوا أي شيء يُذكر! ضاعت الآمال وتحطمت في لحظات، وكان نصيبهم هو خيبة الأمل، والكل لا يعلم ما بداخلهم، والإجابة طبعاً أنه مجرد برنامج يحتوي على المكسب والخسارة، ولكن على العكس هناك من يعتمد على هذه الفرصة ويعتبرها بداية حقيقية لموهبته؛ لذلك كان على إدارة البرنامج إطالة فترة التصويت قليلا حتى تعطى الفرصة للجميع على حد سواء، كذلك ومن باب المعرفة لا أكثر أين المواهب التي شاهدناها في حلقات البرنامج المسجلة ومنها الكثير جيد، بل وأشاد به الناس، فأين ذهبوا وعلى أي أساس تختار اللجنة تلك المواهب التي خرجت علينا واقتحمت الشاشة بدون سابق إنذار؟! لذلك يحق لنا القول إن الحلقة في مجملها كانت باهتة ولم تقدم جديدا حتى لجنة التحكيم كانت إطلالتها غريبة بعض الشيء؛ وكأن الفترة ما بين البث المباشر والحلقات المسجلة جعلتهم يخرجون قليلا عن ''المُود'' الذي اعتاد عليه المشاهدون؛ فلم يكن هناك تألق، ولكن حتى نعطي كل ذي حق حقه لا بد أن نعترف أن الفنانين أحمد حلمي وناصر القصبي أضافا بعض اللمسات الكوميدية التي أراحت المشاهدين قليلاً من زخم الحلقة الثقيل، أما العميد علي جابر فهو كالعادة المُعارض دائماً، والفنانة نجوى كرم كانت خارج سياق الحلقة، بل كانت غير موجودة بالمرة فلم يشعر المتابعون وبالتحديد القدامى منهم أن هذه نجوى كرم! فهناك اختلاف واضح ما بين هذا وذاك ولكننا في الوقت ذاته نلتمس لها العذر؛ لأن الجميع يعرف أنها في حالة حداد على والدها ومع هذا كله يبقى العتب على إدارة القناة التي لم تُجد فن اللعبة هذه المرة؛ وهي المعروف عنها إجادتها وتفوقها في النواحي التي تَخص هذه النوعية من البرامج؛ وحتى نكون منصفين للمرة الثانية فإن الحسنة الوحيدة في البرنامج هو الديكور المبهر والبرّاق الذي خطف العين وأراحنا قليلا، ولكن يبقى السؤال: هل المواهب التي قدمت فقراتها أمام هذا الديكور تستحق هذا العناء من التعب حتى إنجازه؟