العرب .. وأزمة «المياه الصالحة للشرب»

أزمة المياه أضحت حقيقة قائمة منذ أكثر من عقدين وأصبحت تمثل خطراً حقيقياً على ثلثي سكان الكرة الأرضية، وتشير الإحصائيات الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة إلى أن نحو خمسة آلاف طفل في العالم يموتون يومياً، بسبب شح المياه النظيفة واستخدامهم المياه الآسنة في شربهم ومأكلهم، كما أن مشكله نقص المياه هي من أهم القضايا المرتبطة بالأمن القومي للدول والصراع على مصادر هذه الثروة الطبيعية، حيث تلقي بظلالها على واقع تأثر مسيرة التنمية الشاملة.
دول مجلس التعاون ليست في منأى عن هذه الأزمات بحسب التقارير الدولية والعربية التي تشير إلى أنها ستعاني في المرحلة القريبة المقبلة اعتبارا من عام 2020 من انتقالها التدريجي إلى مرحلة الشح أو الفقر المائي وزيادة الطلب على المياه نتيجة لتسارع النمو السكاني والحضري، حيث تتميز بتوافر عوامل مناخية صعبة لها الدور الأكبر في زيادة معدل الاستهلاك مثل طبيعة المناخ الصحراوي شديد الجفاف والتصحر، قلة الأمطار، ارتفاع درجات الحرارة، ندرة موارد المياه العذبة السطحية والجوفية، تناقص خزانات المياه الجوفية المشتركة من جراء الاستخدام المباشر الكبير مقابل نسبة التغذية المنخفضة السنوية لتلك الخزانات.
دأبت دول الخليج في الاهتمام بهذه القضية الحيوية من خلال عقد العديد من المؤتمرات والندوات للبحث عن الحلول المستقبلية للمياه في المنطقة، فقد استضافت قطر والولايات المتحدة الاجتماع الأول لشبكة مراكز تنمية المياه في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي ضم نخبة من العلماء والمختصين عن توافر وتكامل شبكة تقوم بربط المؤسسات التقنية عبر الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكذلك مع المؤسسات الأمريكية في القطاعين العام والخاص بهدف تضافر الجهد والمعلومة، تبادل العلوم والتكنولوجيا الفنية لتحسين تخطيط وإدارة المياه وزيادة هامش مساحة الاستخدام الفعال لموارد المياه في المنطقة بشكل كبير.
كما أن بيئة المياه السطحية ''مياه الأنهار والجداول والبحيرات العذبة وخزانات المياه العذبة'' تصنف في عرف المختصين البيئيين على أنها من أكثر مصادر المياه تعرضا للتلوث، إضافة إلى المياه الجوفية القريبة من سطح التربة، حيث تتنوع مصادر هذا التلوث: ''التلوث بالغبار والغازات والميكروبات وغيرها من الجو، التلوث من سطح الأرض من الفضلات، التلوث من السفن والمراكب، التلوث من المصارف والمجاري، التلوث من مخلفات المصانع''.
يمكن لنا من هذه القراءة لواقع التخوف من ''أزمة شح المياه الخليجية المستقبلية'' أن نستشرف المحاور والمعطيات العملية والعلمية المناسبة التي تنشد الحلول على النحو التالي: ''التشجيع على الشراكة في التطوير والإعداد والتنفيذ للبرامج والمشاريع ذات العلاقة من قبل المنظومات الحكومية والخاصة الخليجية المتعلقة بتأمين وفرة المياه من بعض المصادر المختلفة، التناغم في تهيئة الكادر المهني والفني والاستشاري للعمل في هذه المشاريع والبرامج من خلال توطين الخبرات والتخصصات مع الاستعانة بالخبرات من الخارج لدراسة طرق الاستفادة وإعادة توزيع الثروة المائية وإجراء تخطيط منهجي سليم خلال الفترة المستقبلية لتأمين المياه لجميع احتياجاتها، الترشيد في استهلاك واستخدامات المياه المختلفة من خلال تفعيل ثقافة التوعية المجتمعية والمسؤولية الجماعية، دعم استخدام التقنيات الحديثة في مجال الاستفادة من مياه التحلية البحرية ونقلها للمدن والهجر البعيدة عن السواحل، الزيادة والتسارع في استخدامات الطاقة البديلة كما هو الحال في ''الطاقة الشمسية'' مع الأخذ بعين الاعتبار انخفاض التكلفة المالية، بناء السدود بمنهجية وخطة علمية مدروسة لمساحاتها التخزينية للاستفادة من المياه المهدرة في البحر، إعادة الاستفادة من مياه الصرف الصحي ''إعادة تدويرها وتنقيتها'' ووضع برنامج مشترك لها بين وزارات المياه ووزارات الزراعة، إعادة الاستفادة من المياه الرمادية الناتجة من مياه مغاسل اليدين والمغاطس والمراوش ومياه المسابح التي يمكن إعادة استخدامها ومعالجتها، رفع كفاءة وصيانة وتطوير شبكات نقل وتوزيع المياه لمنع تسرب المياه في الشبكات والتحكم في توزيع المياه وتجنب حدوث انكسارات في الشبكة، رفع كفاءة الري الحقلي وتطوير نظم الري، التوسع في تدشين مراكز أبحاث ودراسات للمياه مع الربط الإلكتروني بينها، استحداث تخصصات عن المياه وتقنياتها العلمية للدراسة في المعاهد والجامعات''.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي