أسباب تزايد إصدارات صكوك الشريحة الأولى

منذ بداية سلسلة رفع أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بدأت البنوك السعودية في زيادة رؤوس أموالها التنظيمية من خلال صكوك وسندات الشريحة الأولى، وذلك لأسباب إستراتيجية ومالية وتنظيمية، واستجابة للازدهار الملحوظ في النمو الاقتصادي وزيادة الطلب على الائتمان، وفي الوقت نفسه نتيجة عدم مواكبة حجم الودائع لزيادة أنشطة الإقراض، ما أدى إلى ارتفاع نسبة القروض إلى الودائع إلى أعلى من 100%. طبيعة المشكلة التي تواجهها البنوك هي أن هناك تنظيمات مصرفية من البنك المركزي وتماشياً مع اتفاقية بازل 3 تلزم البنوك بالمحافظة على هيكل مالي معين يضمن استقرار البنك ويمنع أي اختلالات هيكلية في النظام المصرفي.

لذا فالحلول التي تتجه إليها البنوك تبدأ بزيادة رؤوس أموالها عن طريق أسهم المنحة، فتقوم بتحويل عناصر معينة من حقوق المساهمين إلى رأس المال الأساسي، وهذا لا يضخ أي سيولة إلى البنك، بل يرفع من مستوى رأس المال، فيتمكن البنك من التوسع في الائتمان والحفاظ على نسبة كفاية رأس المال المطلوبة، التي لا تقل عن 8% من أصول البنك المرجحة بالمخاطر. الفكرة هنا إنه من خلال نشاطات البنك الائتمانية والاستثمارية تتكون لديه أصول بدرجات مختلفة من المخاطرة، فيجب عليه الاحتفاظ برأسمال كاف لتحمل تلك المخاطر. فمثلاً عند احتساب قيمة هذه الأصول تحصل كل فئة منها على عامل مخاطرة محدد، فمخاطرة النقد لدى البنك صفر، ومخاطرة قرض لجهة حكومية أقل من آخر ممنوح لفرد أو لشركة وهكذا، وفي النهاية إذا زادت تلك المخاطر انخفضت نسبة كفاية رأس المال، وعندها يجب على البنك زيادة عنصر رأس المال المطلوب، وهنا يأتي دور الشريحة الأولى.

هناك شريحتان أولى وثانية، الأولى تشمل رأسمال البنك والأرباح المحتجزة والاحتياطيات، بينما الثانية تدعم رأس المال الأساسي وتكون مدتها أطول من إصدارات الدين العادية، المضمونة وغير المضمونة، لكن فائدتها في دعم كفاية رأس المال أقل من فائدة الشريحة الأولى. وبحسب اتفاقية بازل 3 يجب أن يكون لدى البنك رأسمال من فئة الشريحة الأولى لتغطية 4.5% من حجم أصوله، فمثلاً لو كانت الأصول المرجحة 300 مليار ريال، يجب أن يكون هناك على الأقل 13.5 مليار ريال رأسمال من فئة الشريحة الأولى. كذلك هناك معايير إضافية تعتمد على وضع كل بنك ورأي الجهة المنظمة، قد تلزم البنك إجراء تعديلات على هيكلة رأس المال حتى وإن كانت النسبة العامة لكفاية رأس المال جيدة، كما هي الحال مع جميع البنوك السعودية التي لديها نسب عالية في هذا الجانب.


لماذا لا يكتفي البنك بإصدار أدوات دين أخرى للحصول على السيولة اللازمة، دون إصدار صكوك شريحة أولى؟


البنوك بالفعل تقوم بإصدار أدوات دين متنوعة وكثيرة، لكن ميزة صكوك الشريحة الأولى أن لها مرونة عالية تخدم أهداف البنك أكثر من أي أداة أخرى، فهذا النوع من الصكوك يكون بلا تاريخ استحقاق، أي إن البنك غير ملزم بسداد أصل الصك، ويمكنه تعديل العائد بعد مدة معينة، مثلاً 5 سنوات، كما يمكنه تأخير دفع العوائد الدورية دون التأثير في تصنيفه الائتماني، لكن في المقابل يجب على البنك دفع عائد أعلى للمستثمرين، ولذا نجد البنوك التي طرحت هذه الصكوك في الأشهر الماضية منحت عوائد في حدود 6.4%، وهو عائد مغر لكبار المستثمرين، وهذا النوع من الصكوك أعلى مخاطرة من أي من الأدوات الأخرى، أي في حال إفلاس البنك هؤلاء المستثمرون يأتون في أدنى القائمة، لا أسوأ منهم في ذلك إلا حملة الأسهم.


لماذا لا يقوم البنك بطرح أسهم إضافية، عادية أو ممتازة؟


خيار طرح الأسهم لتعزيز الشريحة الأولى مفيد ومتاح، كما أن النظام في السعودية يسمح للبنوك بطرح أسهم ممتازة، لكن الأسهم بشكل عام أعلى تكلفة على البنك، بالذات في الأوقات التي تكون فيها أسعار أسهمها متدنية، إضافة إلى أن طرح الأسهم يأخذ وقتاً أطول من طرح الصكوك ويؤدي إلى تراجع نسبة الملكية للمستثمرين، فيكون دائماً خياراً صعباً، علماً بأن البنوك السعودية لم تقم بطرح أسهم بطريقة حقوق الأولوية منذ عدة سنوات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي