نموذج الاستهلاك المحلي.. معيب

على مدى السنوات الـ 70 السابقة، تمتعت المملكة بنعمة الكميات الضخمة من النفط، لكن النفط سلعة غير مستدامة ونضوبه أمرٌ لا مفر منه في المستقبل البعيد، كما أن الاقتصادات العالمية لن تعتمد فقط على النفط من أجل الحصول على الطاقة.
إلى جانب التغيرات التكنولوجية خارج المملكة، هناك تغيرات أساسية تحدث في الداخل. المورد الطبيعي الموجود في المملكة يتم استخدامه بصورة متزايدة وبشكل مخيف سنويا. ويجري الحديث عن مصادر الطاقة البديلة منذ أكثر من ثلاث سنوات رغم وجود البرامج التجريبية الأولى والأهداف الطموحة. وإن لم تتحرّك المملكة في الوقت الحاضر فسيعاني أجيال المستقبل في هذا الوطن.
الحكومة مطالبة باستخدام الطاقة الشمسية على نطاق واسع، على اعتبار أن هناك حقيقة بسيطة وهي إذا بقيت الأمور على ما هي عليه الآن أو السيناريو المعتاد فإن السعودية، بحلول عام 2030 تقريباً، ستستهلك المزيد من النفط لاحتياجاتها الداخلية على نحو يفوق قدرتها على تصديره. بحلول ذلك الوقت سيكون عدد السكان ضعف ما هو عليه الآن، وبالتالي سيكون هناك مزيد من الطلب على المواد الغذائية والإسكان والوظائف، لكن بإيرادات قليلة جداً لا تلبي الطلب. لذا يتطلب على المملكة التحول من اقتصاد يعتمد بشكل مفرط على النفط إلى اقتصاد قائم على مصادر الطاقة المستدامة.
لا بد من اتخاذ قرارات تاريخية وجوهرية ـــ فعالة ــــ في الوقت الحاضر من أجل تغيير اتجاهات الأمور إلى الطريق الصحيح والسليم. خذ الماء على سبيل المثال، نمو هذه الطاقة تساوي ثلاثة أضعاف معدل النمو السكاني. توشك مصادر المياه الجوفيّة العميقة حالياً على النضوب، أضف إلى ذلك الهدر الكبير المقدر بنحو 20 في المائة في إنتاج المياه المحلاة بسبب التسرّبات الناجمة عن البنى التحتية القديمة والمتهالكة. ناهيك عن الهدر المخيف اللامعقول الحاصل في القطاع الزراعي بكميات مقلقة. إن معدل استهلاك المياه هو ضعف المعدل العالمي، كما أنّ التعرفة المنخفضة للماء التي تبلغ نحو 0.06 ريال للمتر المكعّب فقط، وإنتاجها يكلف نحو سبعة ريالات للمتر المكعب لا تدعم جهود الحفاظ على نظام إنتاج وتوزيع. لذا، يجب أنْ ترفع المملكة مستوى هذه التعرفة بشكل كبير خلال السنوات المقبلة وإصلاح القطاع الزراعي عاجلاً غير آجل.
كما أنّ تعزيز الكفاءة في استهلاك الطاقة سيخفّف عبء الاستهلاك المحلي للنفط. لذا ينبغي جعْل قطاع الطاقة المتجدّدة جزءاً لا يتجزّأ من مستقبل المملكة في مجال الطاقة، مع وضع نسب مستهدفة يعمل على تحقيقها في السنوات العشر أو العشرين المقبلة أمر بالغ الأهمية لتلافي أي أزمة مستقبلية.
اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد‎.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي