الفضائيات تتبارى لتقدم «لا شيء» في محاكمة «مرسي»

الفضائيات تتبارى لتقدم «لا شيء» في محاكمة «مرسي»

تَبارى أمس عديد من وسائل الإعلام العربية والأجنبية حتى وسائل التواصل الاجتماعي بنقل وقائع محاكمة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي.
وقدمت الفضائيات تغطية خاصة لما يحدث لحظة بلحظة في الشارع، ونقلت أيضا تلك القنوات عديداً من اللقطات الحية لأكثر المناطق الملتهبة بالأحداث.
هذا هو الطبيعي لأن ما يجري على أرض الواقع السياسي المصري يُحتم ذلك؛ ولهذا كان لزاما على كل الوسائل الإعلامية بأشكالها كافة مسموعة أو مقروءة أو مرئية أن تفرد ساعات للبث المباشر ليكون المشاهدون على عِلم بكل المستجدات.
وما إن يقرر المتابع أن يرى أو يسمع أي خبر فعليه حتما الذهاب لتلك الفضائيات، لكن لا بد من الوضع في الاعتبار أن كل ما يراه ويسمعه المشاهد ليس مطابقا للواقع، وأن الخبر على فضائية بعينها سيراه على فضائية أخرى بشكل آخر، بل بمفردات أخرى تُلائم توجهات القناة والمذيع والضيف، بل الأكثر من ذلك التفنن في سخونة الخبر لعله يلقى الرواج المطلوب وتظل القناة على المنهاج نفسه طوال اليوم حتى لا تفقد جمهورها الذي قرر متابعتها بشغف من الصباح.
هذا عن ساعات البث المباشر التي عَجت بها الفضائيات في هذا اليوم الذي سنشاهد تبعاتها لاحقا أيضا بعد حضور المحللين السياسيين الذين سَيزج بهم بقوة في سهرات برامج التوك شو في الفترة القادمة لإعطاء وجهات نظرهم فيما يحدث على الساحة ورأيهم في وقائع المُحاكمة التي لم تذع من الأساس.
ولأنها فرصة للوجود ومصدر رزق للجميع فكان لا بد على وسائل الإعلام التي قدمت هذه الوجبة الدسمة للمشاهدين أن تُراعي القدر الكافي من المصداقية في نقل الخبر؛ لأننا شاهدنا الكثير من الأخبار التي يقوم فريق الإعداد بكتابتها على الشاشة تحت مسمى خبر عاجل وهي غير صحيحة وأغلبها يتناقض مع الكثير من الأخبار الأخرى على الفضائيات المنافسة.
وكذلك كل ما رأيناه من آراء شخصية وضيوف تنقلوا بين القنوات لعرض تلك الآراء وفرضها بقوة الصوت العالي مهزلة بكل ما للكلمة من معنى.
ناهيك عن بعض الإعلاميين الذين صرحوا من ناحيتهم بآراء دون النظر لمدى تأثر المشاهد بها وكان من باب أولى أن يكونوا في موضع حياد من جميع الأطراف، بل والتحدث عن الموضوع محل النقاش من زاوية بعيدة عن تأجيج المشاعر وزيادة الاحتقان الموجود حالياً وبكثافة في الشارع.
ولا بد للعاملين في هذا المجال الحفاظ على الهدوء قدر المستطاع وعدم إعطاء الأمور أكبر من حجمها وتقديم الخبر المهني والبعد عن الخلافات والأهواء الشخصية ومن يقدم على ذلك لا بد وأن يعلم أن له قدرا عند المشاهد الذي بات يعي ويعرف كل شيء.
ونحن هنا لا نكيل الاتهامات لأحد ولكننا نكتب عما شاهدناه طوال يوم كامل اتحدت فيه القنوات لتقدم الفائدة للمشاهد فلم نجد فائدة في الغالبية العظمى منها حتى لا نعمم؛ لأن هناك قنوات أخرى اتبعت منطق أخبار قليلة ولكنها مَوثوق بها وسليمة ومُؤكد عليها من مصادرها.
كما أن تنقل الضيوف على الكثير من القنوات بهدف إعطاء رأيهم في الحدث لم يكن مناسبا، فالمشاهد بات يحفظ تلك الآراء عن ظهر قلب؛ ولذلك على تلك الفضائيات أن تتحرى الخبر والضيف معا بمعنى معرفة كم عدد الفضائيات التي تحدث فيها قبل أن يطل عَبر شاشتها حتى لا يَحجم المشاهد عن القناة وتضيع مصداقيتها.
والسؤال المهم لتلك الفضائيات: لماذا لم تطلقوا اسما بعينه على تلك المحاكمة مثلما فعلتم من قبل بتسمية محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك ''محاكمة القرن''؟!

الأكثر قراءة