هيفاء المنصور تبحث عن طموحها في فيلم «وجدة»
الإبداع الفني السينمائي عالم خاص لا حدود له والإصرار على النجاح فيه لابد منه مهما كانت الصعاب كثيرة. هكذا هو المبدع الذي يبحث عن كل جديد في هذا العالم المليء بالعثرات والإخفاقات، والمتميز الطموح فقط هو من يثبت نفسه ويضع لأعماله مكانه بين الإنتاجيات الأخرى المنافسة والكثيرون في هذا العالم الفني يحاولون بعد جهد وعناء أن يقدموا أعمالا بعيدة عن النمطية، والأهم مناقشتها لأفكار تتحدث عن الواقع وتلامسه هكذا هي معادلة السينما منذ نشأتها تحاول الوقوف على المشكلة والبحث لها عن حل حتى وإن كان تنفيذه غير ُميسر. المهم هو شرف المحاولة من جميع الأطراف التي عشقت الفن السابع وتعمقت فيه وعلى الرغم من عدم توافر الظروف المناسبة للكثيرين للخروج بأعمالهم الفنية إلى النور، إلا أن هناك أسماء جاهدت لتبدع وتبتكر وتواجه في أحيان كثيرة موجات عاتية من المعارضة ومن هؤلاء المبدعين الذين واجهوا صعوبات وتغلبوا عليها المخرجة السعودية هيفاء المنصور التي صاغت اسمها بحروف ذهبية في تاريخ السينما السعودية وقدمت أعمالا فنية أشاد بها العديد من النقاد لأنها أخرجتها بحرفية وتحد وسط الصعوبات الكثيرة التي واجهتها كمخرجة سعودية ترغب في تقديم عمل فني يلامس الواقع. وقد كان بعدما قدمت أول فيلم روائي طويل يصور بالكامل داخل المملكة. هكذا نجحت هيفاء المنصور وقدمت رسالتها وها هي تعيش نشوة الفرحة بعملها ''وجدة'' الذي قامت بتأليفه وإخراجه وهو ينافس في المهرجانات الدولية ليحصد ثلاث جوائز عالمية من مهرجان البندقية 69 وسط ترحيب ومباركة من الجميع كما حازت على الجائزة الكبرى في الدورة السابعة للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا في المغرب ورشح الفيلم لجائزة الأوسكار بعد مباركة معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة وحصلت أيضاً على جائزة ''الخنجر الذهبي'' لأفضل فيلم وثائقي من مهرجان مسقط السينمائي وتعتبر هذه الجائزة أول ذهبية في تاريخ السينما السعودية.هيفاء المنصور التي قدمت الكثير من الأعمال الفنية منها ''الرحيل المر ونساء بلا ظل وأنا والآخر'' وآخرها فيلم ''وجدة'' أحدثت نقلة نوعية في السينما السعودية بهذه الأفلام التي ساعدت على تسليط الضوء على الانفتاح السعودي على الرغم من إمكاناتها المحدودة، ولكن الهدف كان أكبر وخرج للنور في وقت عارضهُ الكثيرون.
ولدت هيفاء المنصور في المنطقة الشرقية ولعل نشأتها الفنية كانت لها علاقة وطيدة بهذا النبوغ والتفوق السينمائي فهي ابنة الشاعر والمفكر السعودي عبد الرحمن المنصور وشقيقتها الفنانة التشكيلية هند المنصور، درست الأدب المقارن في الجامعة الأمريكية في القاهرة وتخرجت فيها عام 1997 لتبدأ رحلتها مع الإخراج السينمائي الذي كان شغفها الدائم لتثبت للجميع أن المستحيل يمكن تحقيقه مهما كانت المعوقات. هكذا هي المرأة كيان في حد ذاته يملؤها الطموح والشغف لخوض جميع المجالات طالما أنها تشعر بالرغبة في العطاء والإنتاج المستمر. المهم هو المساندة وتقديم الدعم حتى وإن كان معنويا فربما يأتي الدعم القليل بالكثير من النجاحات المشرقة والمشرفة.