موسم محاسبي جديد

تنقضي الأعوام دون أن يشعر المرء بقيمته، ويحاول كل منا أن يستدرك ما فاته ويغتنم الفرص المتاحة للاستفادة من وقته على الوجه الأمثل. ويبقى كل منا في مواجهة متطلبات الحياة ومتغيراتها في سباق دائم لإنجاز مهامه في الوقت المتاح، ولكن سرعة الزمن غلابة وهيهات منا لحاقها. ودون شك فإن إدارة الوقت أمر مهم في حياة كل منا. على الجميع أن يخطط لإدارة وقته بشكل سليم، ويراجع عمله وخططه بشكل دائم، حتى يتمكن من إدارة حياته بشكل أفضل.
المحاسبون القانونيون في حاجة إلى أن تكون لديهم مهارة إدارة الوقت، وتعتمد المكاتب المهنية في توليد إيراداتها على الجانب الفكري المعرفي في الأمور المهنية، والوقت المنفق لإنجاز أعمال العملاء. ولذلك يعتبر الوقت بمثابة رأسمال المحاسب، فإذا لم يحسن إدارته فإن عوائده من الإيرادات قد تتأثر.
وفي هذه الأيام يعد المحاسبون القانونيون العدة لاستقبال موسم جديد من العمل الشاق والمضني والمليء بالتحديات. ويتطلب هذا من المحاسب القانوني عملاً متواصلاً وجهداً كبيراً، قد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى وصل الليل بالنهار لإنجاز العمل في الوقت المحدد، لا سيما عندما يرتبط الأمر بالشركات المساهمة العامة وعملاء الضرائب. مما يشكل عبئاً كبيراً على المحاسب القانوني، وكذلك قد يعرضه ذلك لخطر الوقوع في الخطأ نتيجة للضغط المتواصل، خصوصاً خلال الأشهر الستة الأولى من العام الميلادي الجديد.
ويعتبر موسم العمل المحاسبي القادم غير عادي، لأن حجم التحديات التي سيواجهها المحاسب القانوني في ازدياد. وباختصار فإني أرى أن التحديات المهنية تكمن في كبر حجم العمليات المالية وتعقيداتها، وكذلك عدم توافر المعرفة المهنية لدى المحاسب القانوني ببعض التطبيقات والممارسات المهنية الجديدة، التي تظهر نتيجة للتوسع الاقتصادي. ويأتي التحدي النظامي، في الالتزام بجميع المتطلبات النظامية المرتبطة ببرنامج السعودة وبرنامج نطاقات، في ظل استمرار برنامج الابتعاث وعزوف كثير من خريجي المحاسبة في الجامعات عن الالتحاق بالعمل في المكاتب المهنية نتيجة لضغط العمل وتوافر فرص عمل أفضل خارج نطاق المكاتب المهنية.
يأتي التحدي الاقتصادي للمحاسب القانوني في ظل قلة الموارد المؤهلة، وصعوبة استقطابها للعمل في المكاتب المهنية بسبب المتطلبات النظامية والمهنية، وكذلك تدني مستوى الأتعاب، الذي أصبح بمثابة مشكلة مزمنة لا يمكن علاجها.
وفي ظل هذه التحديات والظروف يتعين على المحاسب القانوني إعداد خطة عمل للموسم القادم من هذه اللحظة، على أن يأخذ في الحسبان التحديات المتوقعة كافة، حتى يتمكن من خدمة العملاء بشكل مهني ودون تعطيل للعمل أو إضرار بالعملاء، وحماية لنفسه من الوقوع في أخطاء مهنية قد تعرضه للمساءلة والعقوبة. وبالتالي فإن إدارة الوقت والإعداد السليم للموسم يكونان عوامل مساعدة للمحاسب القانوني بعد فضل الله وتوفيقه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي