سفيرتنا لينا الناصر
قرأت بكثير من الدهشة خبر قرار وزارة التربية والتعليم منع تنفيذ الرحلات والزيارات الطلابية خارج المملكة بشتى أنواعها، وقصرها على الرحلات الداخلية.
وصلتني منذ فترة رسالة عبر البريد الإلكتروني من لينا الناصر، وهي طالبة سعودية تدرس الأنثروبولوجيا، أو علم سلوك وثقافة الإنسان، في إحدى جامعات الولايات المتحدة. رسالة لينا تهدف لوضع خريطة طريق لرحلة قصيرة للطلاب الأجانب لزيارة السعودية.. يا لها من مبادرة رائعة.
الهدف من الزيارة هو إعطاء الطلاب الأجانب فكرة عن المملكة مما يساعدهم على دراستهم، والأهم ليساعدهم على فهم مختلف الثقافات خارج الولايات المتحدة.
قام الطلاب برحلة إلى مدائن صالح، وجدة، والرياض والمنطقة الشرقية واحتضنتهم في بيوتهم بعض العائلات السعودية. تعرّفوا عن قرب على الموروثات الشعبية والآثار والتراث المعماري لبيوت جدة الأثرية وموسيقى محمد عبده والسامري وتذوقوا التمر والقهوة العربية. أكثر ما أبهرني عند لقائي بالطلاب في الخُبر هي أسئلتهم العميقة عن كل ما يتعلق بالسعودية؛ الثقافة والتاريخ والعادات والتعليم والتحولات الاقتصادية، إضافة إلى قضايا المرأة وغيرها.
وصلتني رسائل عدة من الطلاب ومن مدرس المادة بعد مغادرتهم. هنا أبهروني أكثر! أكدوا لي التزامهم الأخلاقي بنفي الصورة النمطية السلبية وسوء الفهم في الولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بثقافة السعوديين.
أعتقد أن المواطنة لينا أدّت خدمة جليلة للوطن بتقريب المسافة بين الثقافات، والقضاء على سوء الفهم والأفكار السطحية سواء العفوية أو التحريضية.
كتبت وقتها مقالاً في مطبوعة باللغة الإنجليزية شجّعت فيها على قيام برامج للتبادل الثقافي بين الطلاب السعوديين والطلاب الأجانب، ودعوت وزارة التربية والتعليم لإرسال طلابنا إلى الخارج للتعرُّف على المزيد من ثقافات الشعوب الغربية أو الشرقية.
من خلال لقاءاتي مع مختلف سفراء الدول وكذلك وسائل الإعلام الأجنبية والطلاب الأجانب، أتيحت لي الفرصة لشرح موقفي ــــ على الأقل كمواطن عادي ــــ عن أهمية التقارب بين الشعوب والتعرُّف على الثقافات المختلفة بعيداً عن الإعلام المحتقن والأجندات السياسية.
لديَّ اعتقاد راسخ بأن الحوار مع الشعوب وأتباع الديانات والثقافات الأخرى يعزّز علاقتنا مع الآخر.
حسنا فعلت يا لينا.. لا أستبعد أن هناك الكثير مثلكِ من طلابنا وطالباتنا المبتعثين في جميع أنحاء العالم يسعون لتقوية أواصر التعايش السلمي مع مختلف الشعوب والثقافات.
من هذا المنطلق، أدعو وزارة التربية والتعليم لإعادة النظر في قرارها منع تنفيذ الرحلات والزيارات الطلابية خارج المملكة، وقصرها على الرحلات الداخلية.. نحن نثق بشبابنا وفتياتنا، وليس لديَّ أدنى شك أننا لو أعطيناهم الفرصة لأبدعوا في تمثيل الوطن في المحافل الدولية على الصعيدين الرسمي والشعبي على حد سواء.