مخرجان سعوديان لـ"الاقتصادية" : الرؤية والخيال والتجديد أهم المميزات
طرح ميخائيل روم المخرج السينمائي الشهير الذي تتلمذ على يده الكثير من مخرجي السينما في الحقبة السوفيتية في كتابه ''أحاديث حول الإخراج السينمائي'' السؤال: ما مواصفات المخرج؟ هل هي الموهبة، أم الدراسة والتعليم، أم هي الخبرة والممارسة؟ وأجاب في النهاية: إنه ''الحب''.. الحب لهذه المهنة يجعل من المخرج مخرجاً متميزاً لتأتي الأمور التي تليه في درجات تالية. والإخراج سواء كان تلفزيونيا أم إذاعيا أم مسرحيا أم سينمائيا هو في أبسط مفردات التعريف يرمز إلى عمليات إدارة العمل الفني أيا كان نوعه يمثله شخص مسؤول مسؤولية شبه مطلقة عن المنتج النهائي. وتعتمد هذه العملية على مدى فهم المخرج للنص أو الفكرة المراد لها تسخير هذه الوسائل، وتعتمد على المخرج وثقافته وقراءاته كي يتسنى له تسخير هذه الوسائل للإبداع، سواء كان المقصود به المسرح أم السينما أم الإذاعة والتلفزيون.
وتعد حرفة الإخراج شيئا أساسيا في مهنة الإخراج. وتعتمد معظم قواعد هذه الحرفة على الحس الفني والإبداعي للشخص الأول وهو (المخرج)، وعلى خبراته ومواهبه وعلاقاته ومدى حرفيته وتمكنه .. ولذلك يؤكد المختصون أن من أهم معايير ومواصفات نجاح المخرج تتمثل فيما يلي:
- استيعاب ماهية الإخراج.
- تحديد مجالات الإخراج بأنواعه.
- تحديد مبادئ الإخراج الأساسية.
- الاتصاف بمتطلبات المخرج الناجح والفاعل.
- التحلي بمهارات التعامل مع أعضاء الفريق.
- الاتصاف بالحس الفني.
ويذهب المختصون أيضا إلى أن السمات الأساسية للمخرج المتميز تكمن في القدرة على التعامل مع طاقم العمل، والنفاذ إلى عمق مواهبهم وتحريكها وتوجيهها التوجيه السليم وفق إمكاناتهم وقدراتهم، وذلك لن يتأتى عبر التوجيهات والقواعد الجافة، بل في طابع حيوي إنساني وعملي.
والمخرج المتميز هو كائن مسكون بالإبداع، موهوب يصقل الموهبة بالدراسة والاحتراف، والمتشبع بالثقافة والجمال، الباحث في تراث وثقافة الأمة الذي يترك بصمة متفردة في كل عمل يقوم به بعيدا عن تنفيذ رؤية المعدين. والمخرج الناجح هو المخرج الذي يحاول أن يوصل رسالة من خلال أعماله، ولا يقدم عملا بدون هدف ما، والحفاظ على بصمة مميزة له في أعماله، وأهم شيء المصداقية في التعامل مع الفنان والمشاهد. والمخرج الناجح هو الذي يستطيع استثمار كل نجاحات الآخرين الموجودين لإنجاح العمل التلفزيوني.
#2#
وتعتمد معظم قواعد حرفة الإخراج على الحس الفني للمخرج، وعلى مُدة احترافه للمهنة، وعلى معرفته بما هو صالح لنجاح العمل، فهو عملية تقنية متكاملة، يتم من خلالها توظيف الصور والحركة، والألوان، والصوت، والكلمة المنطوقة، بما يتماشى مع طبيعة السيناريو أو محتوى العمل المقدم، سواء كان مباشرا أم دراما تاريخية أم كوميديا أم فنتازيا.. مع أهمية اختيار المخرج للفريق الفني المصاحب له بعناية شديدة من مدير تصوير ومصور وفني صوت ومساعدي مخرج، ويكون اختياره لهم مبنياً على بعض النقاط، من أهمها خبرتهم، وأن يكونوا مفيدين للمخرج في موضوع النص الذي اختاره؛ أي أن يختار مدير التصوير، فهذه أمور في غاية الأهمية للعمل، وهناك جانب آخر، وهو أن يكون هناك انسجام بين المخرج وفريق العمل الذي سيعمل معه؛ لأن هذا له عامل كبير جداً في خلق روح منسجمة.
وعلى ذات المنوال، يجمع الناقدون الفنيون على أن من أهم مواصفات المخرج الناجح أيضا تكمن في تعامله الفاعل مع ''سيناريو'' العمل، فعندما يبدأ المخرج العمل، يجب أن يفسر نص السيناريو، وعملية تفسير النص هي عكس عملية كتابته، فكاتب السيناريو يطور القصة حول شخصيات وأفكار، بينما المخرج كمفسر للنص، يتخلص من القصة ليحدد تلك الشخصيات والأفكار. وحينما ينتهي المخرج من فهم وتفسير نص السيناريو، يبدأ في تحويله إلى سيناريو إخراجي Decoupage. ويتضمن هذا تصميم اللقطات التي تستخدم لبناء المشاهد. وفي أثناء تصميم تلك اللقطات، يتم تدوين بعض الملاحظات حول حجم اللقطة، ومكان الكاميرا، وتكوين الصورة، والحركة.
تصميم اللقطة هو المجال الأول الذي يتيح للمخرج فرصة للإبداع في عمل الفيلم. وفي حال الإخراج الإذاعي فالتركيز على نبرات الصوت والإيقاع المصاحب، في حين يكون التركيز في المسرح على أداء الممثل وتعابيره وحركاته ومساحة تحركه أمام الجمهور.
ويتوقف نجاح المخرج أيضا على مدى إحاطته بالنص والفكرة المراد لها تسخير هذه الوسائل، وتعتمد على المخرج وثقافته وقراءاته كي يتسنى له تسخير هذه الوسائل للإبداع، سواء كان المقصود به المسرح أم السينما أم الإذاعة والتلفزيون، وذلك وفق رؤيته لمكامن تميز العمل.
والشريحة المقدم لها، ومدى الاستحواذ على المشاهد وطريقة تقديم العمل له، مع الأخذ في الاعتبار أن جمهور اليوم ليس كجمهور الأمس في ظل ارتفاع مستوى وعيهم بالعمل الجيد وما سواه، مع كثرة البدائل والمعروض في فضاء إعلامي مفتوح.
وفي هذا السياق، يشير المخرج السعودي التلفزيوني والإذاعي المعروف، ومدير إدارة البرامج الوثائقية في القناة الثقافية السعودية محمد بن أحمد العسيري إلى أن المخرج المتميز هو صاحب رؤية وخيال يستطيع توظيف الكلمة والصورة وإظهارها بشكل أنيق وجاذب. وأضاف بالقول: ولكل من الإذاعي والتلفزيوني خصائص يجمعها الحس الفني وسرعة البديهة وحسن الاطلاع.
ومن جهته، يقول المخرج المسرحي (الفنان جميل أحمد القحطاني): إن المخرج الناجح سواء كان تلفزيونياً أم إذاعياً أم مسرحياً أم سينمائياً هو صاحب نظره شاملة، فلو كان المخرج غير التلفزيوني هو يشاهد عمله من خلال نظره بعيدة المدى وله جو غير جو الآخرين فهو يرى ويسمع ويقرأ.
وزاد بالقول: فأهم شيء في المخرج الحس والنظرة التي لا يراها الشخص العادي، كما أن المخرج يحب أن يكون ذكياً بأفكاره وخروجه عن المألوف والتجديد، وتنوع الأعمال والأفكار والحبكات الإخراجية. وتابع: كل عمل له شكل جديد وإخراج جديد غير العمل السابق، والمخرج يجب أن يكون متجددا وحيويا، وأن يكون ملماً ومتمكناً بجميع أدواته الفنية والإخراجية.