لجان الاعتراض .. والحياد المطلوب

تتعامل مصلحة الزكاة والدخل مع المكلفين (دافعي الزكاة والضريبة) من خلال أنظمتها الخاصة بجباية الزكاة والضريبة، التي تفرض على المكلف تقديم إقراره الزكوي أو الضريبي، وفقاً لآليات الاحتساب التي حددتها المصلحة ووفقاً للمدد النظامية المنصوص عليها. ويقوم المكلف بدفع المتوجب عليه لمصلحة الزكاة والدخل من واقع إقراره، وتقوم المصلحة بقبول ما قدمه المكلف أو الاعتراض عليه ومطالبته بمبالغ إضافية بعد الدراسة والتدقيق.
وعندها قد ينشأ الخلاف بين المصلحة والمكلف، وحسب الإجراءات المتبعة فإن المرحلة الأولى تكون بمحاولة احتواء الخلاف بين الطرفين، ويكون ذلك من خلال النقاش المباشر وتوضيح وجهة نظر كل منهما للآخر. وقد ينتهي الأمر عند هذا الحد ويحسم الخلاف بقناعة الطرفين وبالتالي ينتهي الأمر بزوال الخلاف. وقد ينتهي الأمر بعدم القناعة، وبالتالي لا يتم الوصول لتسوية مرضية لطرفي الخلاف، وبطبيعة الحال فإن مثل هذه الحالة تتطلب وجود جهة مستقلة يتم الرجوع إليها لنظر الخلاف وإبداء وجهة نظر محايدة، والحكم في موضوع الخلاف وفقا لمستندات ودفوع كلا الطرفين.
وقد كفلت أنظمة المصلحة للمكلف حق الاعتراض على مطالبات المصلحة المالية التي تزيد على ما دفعه المكلف لها شريطة أن يتم الاعتراض على إجراء المصلحة (المطالبة بمبالغ إضافية) خلال المدد المنصوص عليها نظاماً. وهناك مرحلتان للاعتراض، تتمثل أولاهما في اللجنة الابتدائية، وفي حال عدم الوصول إلى تسوية مقبولة من الطرفين يتم الاعتراض لدى اللجنة الاستئنافية التي تعتبر المرحلة الثانية، ومن ثم في حال عدم القناعة يرجع إلى ديوان المظالم لحسم النزاع كمرحلة نهائية.
ومن المهم جداً في عمل اللجان أن يتصف أعضائها بالتأهيل الكافي والمعرفة والحياد، فاللجنة يفترض بها أن تكون جهة مؤتمنة للنظر بموضوعية في خلاف قائم بين طرفين دون الانحياز المسبق لأي وجهة نظر بغض النظر عن من هم طرفي الخلاف. وتكمن الإشكالية من وجهة نظري بأن المصلحة هي طرف دائم في الخلاف، وهي تتبنى منهجية محددة لمعالجة الخلافات مع المكلفين، ومن الصعب أن تحيد عنها. وهنا يكمن إشكال من الناحية الواقعية، عندما ننظر في تركيبة اللجنة الابتدائية على سبيل المثال، فإن مقرها يكون في المصلحة كما أن أحد أعضائها وسكرتيرها من منسوبي المصلحة. ومع احترامي الكامل لأعضاء اللجان الابتدائية، ألا أنني أرى بأن هذا الأمر قد يؤثر ولو بشكل غير مباشر على الحياد المطلوب عند قيام اللجنة بدورها. حيث إنه من الصعب أن يتبنى عضو اللجنة (موظف المصلحة) وجهة نظر مخالفة لمصلحة الزكاة والدخل، وهذا الأمر قد يجعل المكلف يرفض أي قرار تصدره اللجنة إن لم يكن في مصلحته مما يطيل أمد الاعتراض.
وأتمنى أن يدرس هذا الأمر بكل شفافية من قبل الجهات المختصة ويعاد النظر فيه، من ناحية تشكيل اللجنة الابتدائية، وتحديد مقر مستقل لها، مما يساعد على إزالة أي لبس ظاهري بعدم حياد اللجان الابتدائية، وقد يختلف معي بعض الإخوة في هذا الرأي، ولكنها وجهة نظري أحببت أن أطرحها، والخلاف لا يفسد للود قضية.
'' إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ''.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي