الاقتصاد بلمسة حب !
وأنت تقرأ في قصص العشاق عبر التاريخ تمر بك لحظة تسأل نفسك إن كان الحب فعلا يستحق هذا العطاء ؟ تبادر لذهني هذا السؤال وأنا استعرض قصة بناء تاج محل في الهند والعلاقة الحميمة بين الامبراطور المغولي شاه جهان وزوجته ممتاز محل مما دعاه بطبيعة الحال لتشييد القصر.
والمدهش فعلا أن تفرز هذه العلاقة إبداع فريدا في نمط العمارة حتى بات يندرج ضمن عجائب العالم. العاطفة تدفع الإنسان لرؤية الحياة بألوان جديدة لأن صفاء الروح يسمح لها بالتألق في سماء الإبداع. وفي يومنا الحالي ما زال تاج محل معلما سياحيا يعود على الهند بمدخول اقتصادي. الاعجوبة الحقيقية في نظري هي الحب وليس القصر رغم أن المعمار بحد ذاته إنجاز.
الحب هو ما يصنع منك انسانا مقبلا على الحياة، وهو أيضا ما يخلق فيك طاقة غريبة تجهل كينونتها تمكنك من التفاعل مع زقزقة العصافير كل صباح فتصبح أنت جزء من معزوفة الجمال عند شروق الشمس. إسأل نفسك مثلا كم قصرا مثل تاج محل يمكن أن نشيد لو أننا فقط زرعنا الجمال في كل أهدافنا .
أكتب هذا المقال وأنا أتذكر حلقات الشيخ عمرو خالد عن الأندلس وبالأخص الجمال في تلك الحضارة. فعندما تولى عبدالرحمن الأوسط الحكم و هو من جمع بين الدين والروح المحبة للجمال، نقل الأندلس إلى عاصمة لهذا الجمال.
و مقولته الشهيرة "تعبدوا إلى الله بحب الجمال" تدل على أن الرجل قد فهم الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه (إن الله جميل يحب الجمال) حتى أصبح منهج حياة وارتبط بالعمل. أما قصر الحمراء فهو إلى هذا اليوم في غرناطة على قائمة المزارات السياحية الأعلى زيارة في العالم. تلك كانت مجرد أمثلة من أثر الحب و الجمال في تغيير حياة البشر.
فالحب إذا ليس ترفا في ديننا وليس مجرد شعور عابر يرتبط لدى الكثيرين بمرحلة المراهقة حتى يكاد أن يتبرأ منه. إنه باختصار يصنع حضارة ويقيم اقتصاد لأنه غالبا ما يرتبط بالصدق. والكثير من التجارب في مجال الطب النفسي التي تبحرت في دراسة العلاقة بين عطاء الإنسان وإنجازه من جهة والحب من جهة أخرى أثبتت بأن عطاء الإنسان مرتبط بالحب والتشجيع حتى أني سمعت عن الكثير من الأمراض التي تم علاجها بالمشاركة الوجدانية.
وخلاصة القول، إذا كنت تواقا للعطاء فلا تبخل على الآخرين بالحب فالتاريخ يشهد لك بإنجاز يمتزج بعبير الجمال .