وزارة التجارة.. ورضا المستهلك
لفت انتباهي إعلان على صفحة كاملة من وزارة التجارة يعلن عن نتائج استبيان قياس رضا المستهلك عن أداء وكالات السيارات في المملكة، هذا الإعلان أظهر نتائج مقلقة ومخيفة، الاستبيان يقيس درجة رضا المستهلك حول الوكلاء من جهة وحول السيارات كعلامات تجارية من جهة أخرى.
في هذه الدراسة ظهر الرسوب المكعب لوكالات السيارات في الحصول على رضا المستهلك، فدرجة الرضا الكامل بلغت 7.5 في المائة فقط، بينما لم يتجاوز معدل الرضا للمستهلك 33 في المائة، مما يعني أن أكثر من ثلثي المستهلكين غير راضين عن أداء وكالات السيارات، على الجانب الآخر وكالة واحدة فقط حصلت على معدل رضا نسبي للجمهور يزيد على النصف بقليل، لم يتجاوز هذا المعدل 55 في المائة.
تزامن هذا الموقف السلبي من وكالات السيارات مع سقوط موقف مماثل للعلامات التجارية لها، فمن بين 32 علامة تجارية تم قياس رضا المستهلك حولها، جميعها أخفقت في تحقيق رضا العملاء، من بين هذه العلامات علامة تجارية واحدة حصلت على معدل رضا نسبي للجمهور يزيد على النصف بقليل، لم يتجاوز هذا المعدل 51.7 في المائة، أربع من هذه العلامات تباينت درجة الرضا فيها للجمهور ما بين 15 في المائة و18 في المائة، وجميع العلامات الأخرى تقل عن ذلك، بل إن ما يزيد على ثلث العلامات التجارية لم تتجاوز درجة رضا المستهلك عنها 10 في المائة.
بالتأكيد هذه الدراسة قد يعتريها الخطأ والخلل وسوء التقدير، حالها حال الكثير من الدراسات السوقية، ولكنها بالتأكيد تعطي مؤشرات لا يمكن تغافلها عن قصور خدمات وكلاء السيارات في المملكة.
إذا كان هذا القصور في رضا العملاء يتم في سلعة من أهم السلع وأكثرها ربحية، فما بالك بالسلع والخدمات الأخرى! فهذه الدراسة تمثّل عينة من المنتجات والخدمات المقدمة للمستهلكين ككل في المملكة، قد يقال: إن هذا القصور ظاهرياً ناتج عن توقعات أعلى مما يجب، ولكن عندما نقارن بين خدمات الوكلاء ومقدمي الخدمة في المملكة بشكل عام وبين نظرائهم المحترمين خارج المملكة، نجد أن هناك بوناً شاسعاً في جودة الخدمات الأساسية، فضلاً عن الخدمات التكميلية التي تنشد رضا المستهلك، هذا الفارق للأسف لمصلحة التجار والمصنعين ومقدمي الخدمة خارج المملكة.
في بعض الأحوال عندما ننوي الشراء نقارن بين أسعار السلع في المملكة والدول الأخرى، خاصة للسلع ذات القيمة، ويتخذ البعض منا قرار الشراء بناء على ذلك، ولكن هذه المقارنة غالباً ما تكون غير عادلة، بسبب رئيس؛ وهو أننا في دول العالم المحترم ندفع قيمة السلعة، خاصة السلع المعمرة مثل السيارات والأجهزة وندفع ضمن القيمة مقابلاً أساسياً لخدمات ما بعد البيع وضماناً أساسياً ضد الأعطال، وفي المملكة ندفع قيمة هذه الخدمات وأكثر ولا نحصل إلا على أقل القليل منها، اليوم وبسبب وزارة التجارة أصبحنا نحصل على بعض هذه الحقوق المغيبة من بعض التجار الجشعين.
قياس رضا المستهلك عن أداء أي قطاع ليس من أدوار الوزارة، بل هو خدمة إضافية تقدمها الوزارة بشكل أدبي لمكافأة المجتهد ومعاقبة المسيء، بدون أن تتخذ أي قرارات أو مخاطبات أو عقوبات، وهي وسيلة ذكية وغير مباشرة للضغط على التجار ومقدمي الخدمات الأقل كفاءة لتحسين خدماتهم، بل إن مثل هذه الخدمة وهذا الإعلان مدفوع القيمة قد يعرضها للمقاضاة فيما لو عده التاجر تشهيراً وإساءة للسمعة.
وزارة التجارة مثلها مثل أي وزارة أخرى؛ الجودة والإنجاز بين مد وجزر والرضا والقبول بين راضٍ وساخطٍ، ولكنها بالتأكيد نجحت في وضع المستهلك في الواجهة، ليس فقط في الاهتمام به، ولكن بتقديم خدمات نوعية له فضلاً عن إعادتها حقوق المستهلك التي لم يحصل عليها قط، كان كثير من التجار ومقدمي الخدمة يمنون بكثير من خدماتهم على كثير من المستهلكين وإذ بها تصبح حقاً من حقوقهم.
سابقاً عندما تحصل على خدمة رديئة، بل حتى في بعض حالات النصب الرسمي من بعض تجار السوء، وتهدد بالشكوى إلى وزير التجارة، يرد عليك أحد موظفي ذلك التاجر باللا مبالاة.
ولو حصل وذهبت للمسؤول وشكوت مرّ الشكوى من هذا المصنع أو تلك الشركة التي تمثّل خرقاً للأنظمة والقوانين والأعراف والأخلاق التجارية فلن تجد لك قبيلاً، ولو جاءتك الاستجابة ستجدها بطيئة أو متهربة متفلتة من نوع "هل اشتكيت لحماية المستهلك؟"، أو متهمة من نوع "هل أنت متأكد من كلامك واكتمال أوراقك؟!".
اليوم لا تحتاج إلى أن تعرف الوزير أو أحد كبار المسؤولين، بل لن تحتاج إلى أن تذهب إلى الوزارة لتحصل على حقوقك، فمجرد رسالة هاتفية أو مكالمة أو دخول لموقع الوزارة سيكفيك المؤنة وستجد شكواك تم حلها وكأنك تعرف الوزير.