هؤلاء يعملون.. لتكتمل فرحتنا بالعيد

في كل جهة حكومية، وفي كل شركة كبرى، تعمل في عالمنا العربي "المشتعل"، نجد فئة من الموظفين المناضلين يعملون بصمت على مدار الساعة، ويكدحون حتى في العطل الرسمية لتقديم الخدمة.
في السعودية..
هناك العاملون في قطاعات الأمن، الدفاع المدني، الهلال الأحمر، المستشفيات، الإعلام، المنافذ، الجمارك، الأمانات، فرق الصيانة الطارئة، ومراكز الاتصال التابعة للشركات والمصارف، كل هؤلاء وغيرهم، يواصلون تقديم الخدمة المقدمة من جهاتهم، فيسهمون في تعزيز الطمأنينة في قلوبنا إلى درجة تتيح رسم أجمل الابتسامات على وجوهنا خلال أيام العيد.
نشعر بأدوارهم في كل عيد، وإن كنا لا نراهم إلا خلف الكواليس، وربما ننسى لو رأيناهم أمامنا في غمرة تبادلنا تهاني العيد، أن نبارك لهم بهذه المناسبة السعيدة، ألا نرى البعض منا يمر عليهم أو يصادفهم في طريقه بكل برود دون أن يلقي السلام أو التحية؟!
بل إننا نغفل في الوقت الذي نوزع فيه الحلوى على بعضنا بعضا، أن نشاركهم بحلاوة العيد، أن نرسم الفرحة على وجوهم التي أضنتها ساعات العمل الطويلة، والإرهاق، وقلة النوم.
لا يوجد في العالم العربي على العموم، والسعودية على وجه الخصوص، تقارير تكشف عن المهن الأكثر عرضة للضغوط، وهي تلك التي تعمل في كل وقت من أوقات السنة بما فيها العطل الرسمية، إلا أنه يمكن القياس على ما ورد في تقرير لمجلة "فوربز"، حيث كشف عن أكثر عشرة وظائف عرضة للضغوط، وهذه المهن تستدعي طبيعتها العمل والاستنفار في أوقات مختلفة لا تفرق بين أيام عادية أو عطل، أو بين ليل أو نهار، إضافة إلى أنها تتطلب التنقل من مكان إلى آخر، وفوق ذلك تعرض أصحابها لمخاطر كبرى.
وقد جاءت قائمة "فوربز" مرتبة من (1) الوظيفة الأعلى تعرضا للضغوط إلى (10) الوظيفة الأقل تعرضا للضغوط:
1. أفراد الجيش
2. ضباط الجيش
3. رجال الإطفاء
4. الطيارون
5. منسقو الفعاليات
6. مسؤولو العلاقات العامة
7. كبار مسؤولي الشركات
8. المراسلون الصحفيون
9. رجال الشرطة
10. سائقو التاكسي
وكما تلاحظون من هذه القائمة، معظم هؤلاء "ميدانيون" ليس لهم مكان أو زمان ثابتان، فهم "عنصر متغير" حسب متطلبات وجداول عملهم، على عكس "الموظف الإداري" الذي ينتهي عمله عند الساعة الثانية والنصف أو الخامسة، ويتمتع بإجازة العيد مع أفراد أسرته دون أن تنغص عليه "مكالمة استدعاء"!
إن عمل الفرد في وظيفة شاقة تتطلب الاستنفار تحت ظروف صعبة قد لا يكون اختياره، وإنما لو كان اختياره، فإن ذلك سيتحول إلى "بطولة وطنية".السؤال، كيف نسهم في التخفيف عن ضغوط من يسهرون لأجلنا؟ وهل بإمكاننا أن نفعل ذلك؟
نعم، بإمكاننا أن نفعل الكثير لنخفف الضغوط على أصحاب تلك المهن المتعبة، فعلى سبيل المثال، إذا ازداد مستوى وعينا تجاه السلامة في العيد ــــ وغيره من المواسم ــــ فسوف يقل حتما ضغط العمل على رجال المرور والدفاع المدني والهلال الأحمر والعاملين في المستشفيات، وبالتالي نحرص ألا نكون "حالة" تضاف إلى الحالات التي يتعاملون معها.
كما أن من تخفيف الضغوط عليهم أن نقدم لهم "هدية جميلة"، وأعني بذلك "التقدير".. تقدير ما يفعلونه في سبيل راحتنا، تقدير ما يفعلونه لحياتنا، وليس أدل على ذلك أنهم يعرضون حياتهم للخطر لإنقاذنا، وعلينا أن ندرك أنه من المحبط أن تعمل دون أي "تقدير" من المحيطين بك، دون أن تسمع كلمة "شكرا"، أو عبارة "الله يعطيك العافية".
فـ "التقدير" يخفف من وطأة الضغوط التي تتعرض لها تلك الفئات العاملة في الأعياد، وهذا التقدير يأتي في صورة "الامتنان" لما يفعلونه من أجلنا.
فنحن في حياتنا إلى بث الطاقة الإيجابية فيمن حولنا، هي كلمات بسيطة من الثناء والتقدير لمن يسهرون من أجلنا، بدلا من بث الطاقة السلبية بالتقليل من أدوار الآخرين أو تهميشهم، أو تصيد الأخطاء عليهم أثناء تأديتهم للواجب.
انشروا الطاقة الإيجابية في كل أرجاء هذا الوطن.
ابعثوا رسائل "تقدير وعرفان" لكل من يعمل من أجلنا في كل عيد.
فكم من رجل أمن وسلاح حدود ودفاع مدني وإسعاف ضحى بحياته للذود عن حياضنا أو إنقاذ أرواحنا، فرحل عنا ولم يعد معنا يفرح بالعيد.
ترحموا على من رحل منهم عنا، على من افتقدناهم وافتقدهم أهلهم وأبناؤهم.
وقدموا أسمى باقات الامتنان لمن ظل صامدا يعمل معنا لتكتمل فرحتنا بالعيد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي