فلسطين .. وقفة قبل أن تفرقنا (1 من 2)

فلسطين قضية ولدنا وتربينا وعشنا في حياة متواصلة معها دينا ودنيا ومجتمعا وإنسانا ومكانا ولم نكن في يوم من الأيام نشك أنها قضية غير عادلة أو أنها قضية أشخاص أو احتلال أرض أو تشريد مواطنين أو... أو... وإنما هي قضية حياة أو موت وعمر الجميع من عمر القضية الفلسطينية سواء من وعد بلفور إلى الاحتلال الصهيوني اليهودي الإسرائيلي البغيض للأرض المباركة فلسطين ولهذا فإن التفاف جميع السعوديين والعرب والمسلمين وعقال وحكماء العالم حول القضية الفلسطينية أمر لا يقبل المساومة أو النقاش وكمجتمع سعودي عايشنا وتفاعلنا وآمنا بالقضية الفلسطينية وكلنا تربينا على أهمية القضية الفلسطينية وإن دعمها والإصرار على تحريرها قضية دينية. وكانت تجمعنا جميعا فكرة ادفع ريالا تنقذ فلسطينيا أو "ريال فلسطين"، وبهذا الإيمان والدعم عاش ويعيش المجتمع السعودي والعربي والإسلامي على حب فلسطين والحرص على حمايتها وتحقيق استقلالها، ولم تكن القضية الفلسطينية تحت أي طائل قضية سياسية وإنما قضية أرض وشعب مسلوب الحقوق ويجب إعادة الحقوق له. كما وأننا بإيمان قوي راسخ لا نشك في أن اليهود لا عهود لهم ولا مواثيق وإن سمتهم الخيانة وقتل الأنبياء والرسل ونكث المواثيق والعهود وقتل النفس التي حرم الله والكذب والتجسس والصد عن سبيل الله والاستهزاء بالدين ونشر الرذيلة والفساد والافتراء على الله سبحانه وتعالى بالكذب وقسوة القلب والنفاق وحب الدنيا وشهواتها ويأتي فوق ذلك كله حرصهم المتناهي على إيذاء الإسلام والمسلمين ليس لمصالح دنيوية ولكن من منطلق عقائدي. والقرآن في أكثر من خمسين سورة من سوره جاء ذكر اليهود بما لا يدع مجالا للشك في كل صفاتهم ومواقفهم من الله والأنبياء والرسل والبشرية والإسلام ولعل في قول الله سبحانه وتعالى "وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا"، وقوله سبحانه وتعالى "انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به أثما مبينا" وقوله عن قتلهم للأنبياء "وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون"، ومع هذا كله أصر اليهود على مواقفهم المعادية لله ورسله ويقولون عن أنفسهم "وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون".
إن اليهود وفقا للموقف الإلهي الواضح منهم ثم موقفهم من أنفسهم لا يمكن حتى الاعتقاد بأنهم أمة يمكن أن تحترم العهود أو المواثيق أو يمكن التعامل أو التفاهم معهم بأي حال من الأحوال والاعتقاد بإمكانية الوصول معهم إلى اتفاق أو عهود أو مواثيق أو أقل من ذلك هو نوع من الانحراف الفكري السوي ومخالف لما جبلوا عليه من النفاق والفساد ونكث العهود ولعل في قولهم عن أنفسهم ما يؤكد ذلك "وإذا جاؤوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون"، كما أنهم أهل افتراء لقوله سبحانه وتعالى عنهم "انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا" ثم أخيرا وصفهم بقسوة القلوب "ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة"، والخلاصة أن موقفنا مع اليهود يخلص إلى أمرين، موقف سياسي رسمي يتطلب مواقف الدول ومصالحها وظروفها والمتغيرات المحيطة بتلك الدول والسياسات والمصالح، وهذا أمر لا أجيد الحديث فيه والموقف الآخر موقف اجتماعي يتطلب إيضاح ومعرفة قدراته ومصادره وأدواته وأسلوب توجيهها والبرامج الداعمة للقضية الفلسطينية ثم تعظيم الفائدة والأثر منه مع استخدام كل الوسائل السلمية المتاحة وبما يحقق وصول الصوت الإنساني لجميع مؤسسات وأفراد العالم، والاستفادة من التجارب المشابهة مثل قضية جنوب إفريقيا أو غيرها.
إن الخطورة التي تتعرض لها القضية الفلسطينية اليوم وتعتبر مثل قاصمة الظهر هو محاولة تقزيمها من قضية شرعية عادلة عالمية ذات بعد ديني حضاري إنساني إلى قضية احتلال أرض ثم تقزيم ذلك الاحتلال البغيض إلى جزء من الأرض ثم إلى اختلاف مواقف وشأن داخلي بين دولة وشعبها على أساس أن الدولة إسرائيل وأن الشعب هو الشعب الفلسطيني وأن بعض هذا الشعب ممثل في بعض سكان غزة لهم مواقف ومطالب غير مشروعة يحاولون فرضها على الدولة العادلة في إسرائيل ووصفهم بالإرهابيين العرب الفلسطينيين المسلمين، وبهذا يطمسون حقيقة القضية الفلسطينية التي كانت في يوم من الأيام قضية الإنسان والمسؤول العربي والمسلم الأولى وقضية كل المنصفين في الأرض وللحديث بقية مع بعض المقترحات والحلول في المقال القادم إن شاء الله حول دور المجتمع في حماية وإعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وحماية المقدسات الإسلامية، وفقنا الله جميعا لما يحب ويرضى.

وقفة تأمل:
"يالله تعديهـا علـى خيـر وتصـيـب ...
مـن حدنـي أكتـب خمالـه وعيبـه
يبغى الصراحه مابها شـك أو ريـب ...
باقولهـا والـنـاس كــلٍ وطيـبـه
الـحـر ما ينـفـع بلـيّـا مخالـيـب ...
والعقـل للرجّـال زيـنـه وهيبة
بعض المنابـت بالمراجـل عذاريـب ...
وبعض المنابـت للمراجـل خصيبة
رجلٍ يبـي طاريـه عنـد الأشانيـب ...
ورجـلٍ يبـي طاريـه عنـد الحبيبة
ورجـلٍ يـودّي بالسواليـف ويجيـب ...
ورجـلٍ سواليفـه لفعـلـه تجيـبـه".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي