أصعب 3 سنوات في عمر المشاريع

في الأسبوع الماضي كتبت هنا عن العثرات التي يتعرض لها أي رجل أعمال أو رائد أعمال لكي يصل إلى نقطة انطلاق مشروعه التجاري ولنسميها هنا: مرحلة التأسيس القانوني. وبعد تجاوز هذه العثرات أستطيع أن أقول إنها تعتبر بداية لمرحلة جديدة في حياة المشروع التجاري وأستطيع أن أسميها مرحلة التأسيس التجاري، والتي تعتبر أصعب بكثير من المرحلة السابقة. الأمر المهم الذي يجب على كل الداخلين لأتون العمل التجاري معرفته في هذه المرحلة أنها تعتبر مرحلة مواجهة الحقيقة كما هي، دون رتوش ودون تجميل، ومهما اختلفت نوعية المشروع، يعتبر نموذج العمل التجاري ــــ من وجهة نظري ــــ الركيزة الأساسية لنجاح المشروع وانتقاله من مرحلة التأسيس التجاري لمرحلة النمو.
يعرف نموذج العمل التجاري ــــ The Business Model ــــ على أنه الطريقة المثلى لاستغلال موارد المنشأة لتقديم الخدمة أو السلعة للعملاء المستهدفين واستبدالها بمقابل مالي يغطي تكاليف المنشأة التشغيلية والثابتة ويحقق أعلى نسبة ربح ممكنة. الكلام هنا يبدو بسيطا وسهلا ولا يحتاج إلى تفسيرات وفلسفة، إلا أن شرح معنى نموذج العمل التجاري أعيا الكثير من علماء الإدارة، وخصوصا عند شرحه لغير المتخصصين، إضافة إلى أن نظرية نموذج العمل التجاري تعتبر من النظريات الحديثة جدا في علم الإدارة، إلى أن خرج كتاب الدكتور ألكساندر أوستروالدر بعنوان Business Model Generation "تأسيس نموذج العمل التجاري" والذي عُرِّب قبل فترة و يباع في المكتبات، وهذا الكتاب الذي هو رسالة الدكتوراه للمؤلف يعتبر أحدث كتاب يتحدث عن نماذج الأعمال التجارية بطريقة سهلة ومرنة لجميع رواد ورجال الأعمال. وتقوم نظرية الكتاب بشرح عناصر النموذج التجاري بشكل رسومات بسيطة، ومن خلال هذه الرسومات تتضح لصاحب المنشأة أو مديرها صورة المنشأة على أرض الواقع، وموقعها بين المنتج أو الخدمة والمستهلك. ببساطة ومن خلال استخدام هذا الرسم، يستطيع أي شخص أن يكتشف الأخطاء التي من الممكن إصلاحها وسيكتشف كيفية إصلاحها من خلال النصائح التي يقدمها الكتاب، إضافة إلى أن هناك تطبيقا تفاعليا خاصا على الكمبيوتر اللوحي يعمل كنموذج محاكاة، ويتيح للمستخدم تشكيل نموذج العمل المناسب له.
الأمر المهم هنا أن نموذج العمل التجاري ليس وصفة سحرية متى ما وجدتها ستطبقها وترتاح، بل هو وصفة متغيرة تتغير بحسب تغيرات السوق، والأمر الأهم هو معرفة أن السنوات الثلاث الأولى لأي مشروع تعتبر معملا مخبريا لتجربة نموذج العمل التجاري المناسب للمنشأة للتعامل مع السوق ومع العملاء المستهدفين، فالتجربة والخطأ هو الطريق الوحيد للوصول إلى النموذج المناسب، ولهذا، تعتبر هذه السنوات الثلاث من أصعب مراحل العمل التجاري، لأن التجربة والخطأ تستنزف طاقة مالية وذهنية كبيرة، قد تسبب لمعظم الناس اليأس، وقد تجعل أي مشروع معرضا لخطر الإفلاس، فيحتاج المقبل على هذه المرحلة إلى التحلي بالصبر على المصاعب المالية واللوجستية، والكلام هنا من واقع تجربة عملية أستطيع الجزم بأن أكثر من 70 في المائة من المنشآت التي تتجاوز هذه المرحلة ستكمل مسيرتها بنجاح، وستدخل مرحلة النمو بشكل طبيعي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي