جريمة الأحساء وخطورة المدلول
أسعدني أن جريمة الأحساء مع كل ما فيها من ألم وغضب وحزن على أرواح بريئة قتلت ظلما وعدوانا، أنها حملت ثلاث رسائل قوية وواضحة ترد وبشكل مباشر على كل من يتربص بأمن واستقرار المملكة العربية السعودية.
الرسالة الأولى تمثلت في الوحدة الاجتماعية والتفاف المجتمع مع أهالي الضحايا، واستنكار الجميع لهذا العدوان الآثم، وصدور بيان هيئة كبار العلماء مما سد الباب على كل متربص.
الرسالة الثانية تمثلت في موقف أهالي الأحساء بشكل عام وأهل الشهداء بشكل خاص من إصرارهم على أن ما حدث محاولة جاهلة حاقدة تحاول أن تخلق خلافا اجتماعيا مذهبيا بين أبناء الوطن الواحد، خصوصا مع إصرار الإعلام الإيراني ومن يسبح في فلكه على تجييش الأهالي للانتقام وتحويل الحادث إلى طريق لشق الوحدة الوطنية السعودية.
الرسالة الثالثة تمثلت في سرعة وقدرة وبسالة الأجهزة الأمنية السعودية للوصول للجناة في العديد من المناطق وتقديم الشهداء من رجالنا البواسل في سبيل حماية الأرواح وتعزيز الاستقرار، كما أنها رسالة واضحة ومباشرة على القدرة الأمنية للأجهزة السعودية للتحرك السريع، وأنها مستوعبة ومتابعة لتحركات أصحاب الشر المتربصين بالأمن والاستقرار السعوديين.
إن محاولات الإرهاب والإرهابيين في السابق والحاضر والمستقبل لم تكن ولن تكون ذات تأثير في وحدة وهيبة ومكانة المملكة حتى وإن حاول البعض تجيير ذلك لأي اتجاه أو سبب.
المملكة العربية السعودية منذ توحيدها وهي تعايش الكثير من الأحداث المحلية والإقليمية والدولية التي تحاول النيل من وحدتها وتمسكها بعقيدتها الإسلامية.
إن حادثة الأحساء مع ما فيها من خطورة المدلول والمحاولة وقتل الأبرياء الذين حرم الله قتلهم، إلا أنها تمثل منعطفا خطيرا يحاول الإرهاب من خلاله نقل معركته من معركة مع الحكومة السعودية إلى معركة مع الشعب السعودي من خلال اللعب الخطر على المذهبية. أين كان المحرض على هذا اللعب الخطير سواء من داخل المملكة العربية السعودية أو خارجها أو من خلال المذهب نفسه أو من خلال مذاهب أخرى، فإن الأمر يتطلب إدراك المواطن البسيط لهذا الخطر العظيم.
إن خطورة تحول المعركة إلى الشعب السعودي ومحاولة خلق تصادم بين أبنائه لم تكن المحاولة الأولى ولن تكون الأخيرة، ولكن خطورتها هذه المرة أنها تحاول استغلال الهياج والقتل والتدمير الذي يدور في الدول من حولنا سواء في شمال المملكة في العراق وسورية أو في جنوبها في اليمن، واستغلال هذا الهياج والاحتقان للانتقام من الاستقرار والأمن والتنمية السعودية.
المملكة العربية السعودية كانت وما زالت وستبقى مستهدفة من جهات عديدة ولأسباب عديدة من أهمها التزامها وتطبيقها للشريعة الإسلامية وعدم قبول هذا النظام من الكثير من الأنظمة والمناهج الغربية والشرقية اللا دينية والتي ترى أن الدين، وبالذات الدين الإسلامي، يقف حجرة عثرة في نشر توجهاتها الفكرية والإدارية وبقاء النموذج الإسلامي السعودي خاصة، سوف يضعف من قدرتها على فرض توجهاتها وانتشارها، ولعل انتشار الإسلام في العالم يعزز من ذلك.
إن مثل هذه الأحداث الأليمة التي يحاول البعض الدفع بها وإشعالها هنا في المملكة العربية السعودية ليس الهدف منها نصرة للإسلام لأننا نرى كيف شوه البعض ممن يدعون الإسلام صورة الإسلام من خلال القتل والصلب والاغتصاب والسرقات وحرق الأخضر واليابس.
لهذا فإن توحدنا كأبناء لهذا الوطن والعمل على حماية مكتساباته وإبراز الصورة الحقيقية المشرقة للإسلام هو أهم الخطوات التي يجب الأخذ بها للوقوف في وجه هذا الطوفان الفاسد.
لقد أكد الدين الإسلامي على حماية النفس وحرم قتلها إلا بأسبابها، وهذه الأسباب لا تجيز لمجموعة مجرمة حمل السلاح والتجول في المدن واتخاذ قرار من تقتل ومن تترك لأن ثقافة الغابة واللعب الخطر بالنار لن تكون انعكاساتها على فئة في المجتمع دن فئة وإنما شرها وأثرها السلبي سوف يشمل الجميع، وإذا بدأت الفتن والحروب فإن إيقافها ليس بالأمر اليسير لأنه كما يقال يسهل أن تشعل نار حرب وصعب أن تطفئها، والأصعب أن تقدر حجم خسائرها في الأنفس والأموال والأخلاق.
إن استيعابنا كدولة وحكومة وشعب لخطورة هذا الأمر يتطلب العمل الجماعي المشترك، وألا نسمح كمواطنيين لمثل هذا الإجرام أو العبث أن يفرقنا مهما كانت الأسباب لأن الترابط والعمل المجتمعي بين أبناء الوطن هو الضامن بعد توفيق الله لتحقيق الاستقرار الأمني وتعزيز التنمية السليمة المستمرة والمستدامة بإذن الله سبحانه وتعالى.
في المقابل فإن سرعة القصاص من المجرمين المفسدين في الأرض وجعلهم عبرة لغيرهم، هو أمر حتمي وضروري، وهذا الأمر يشمل جميع من تجرّأ على قتل الأبرياء من المواطنين أو المقيمين أو من رجال الأمن البواسل ولنتذكر جميعا قول الشاعر:
السيف أصدق أنباء من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعب