نظام المجالس البلدية.. هل يعرض للمواطنين لإبداء مرئياتهم؟
يعد نظام المجالس البلدية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/61 وتاريخ 4/ 10/ 1435، نقلة نظامية نوعية وخطوة للأمام في مسيرة توفير الإطار النظامي في شتى المجالات في المملكة العربية السعودية بصفة عامة والمجال البلدي بصفة خاصة، ويأتي محققا لنقلة تنظيمية مهمة تجاه اللا مركزية وتعزيز الإدارة المحلية في مناطق المملكة، وتعزيز إشراك المواطنين ذكورا وإناثا في صناعة القرار في مجالات العمل البلدي، وتخويل المجالس البلدية صلاحيات أكبر لتمكينها من القيام بدورها بما يحقق الآمال والتطلعات لخدمة الوطن.
وبذلك نشهد اليوم تطورا جديدا نابعا من رؤية ثاقبة بعيدة النظر للدولة في تطوير إدارة العمل البلدي تضمنه هذا النظام الذي اشتمل على منظومة متكاملة من الأحكام، من أبرزها منح المجلس البلدي شخصية اعتبارية ذات استقلال مالي وإداري، وربطه تنظيميا بوزير الشؤون البلدية والقروية، ويعد هذا نقلة إدارية كبيرة تمنح المجلس المزيد من الاستقلال الإداري والمالي وتحقق له الحياد.
ومن أبرز أحكام نظام المجالس البلدية، تولي تلك المجالس في حدود اختصاصات البلديات إقرار الخطط والبرامج البلدية المتعلقة بتنفيذ المشروعات البلدية المعتمدة في الميزانية، ومشروعات الصيانة والتشغيل، والمشروعات التطويرية والاستثمارية، وبرامج الخدمات البلدية ومشروعاتها. وكذلك دراسة مشروعات المخططات الهيكلية، والتنظيمية، والسكنية، ومشروعات نزع الملكية للمنفعة العامة وشروط وضوابط البناء، وسياسات استخدام الأراضي، ويبدي المجلس رأيه في شأنها قبل رفعها إلى الجهات المختصة. وكذلك ممارسة المجلس الرقابة على أداء البلدية، وعلى ما تقدمه من خدمات من خلال عدة وسائل من بينها التقارير الدورية التي تقدمها البلدية عن أعمالها وتقارير الاستثمارات وسير المشروعات البلدية وتقارير تحصيل الايرادات البلدية وما يرد إلى المجلس من ملحوظات أو شكاوى في شأن أي من الخدمات البلدية وتقارير الزيارات التي تقوم بها اللجان المختصة التي يشكلها المجلس بناء على ما يقرره أو بناء على طلب أحد أعضائه للاطلاع على المشروعات البلدية. ولا شك أن هذه الاختصاصات الموكلة للمجلس البلدي تمنحه صلاحيات إشرافية ورقابية واسعة.
وشملت أحكام النظام منح حق الانتخاب، وحق الترشح لعضوية المجالس البلدية للمواطنين الذكور والإناث على حد سواء، عند توافر الشروط المنصوص عليها فيه، وأن تتكون هذه المجالس من عدد من الأعضاء، يحدده وزير الشؤون البلدية والقروية، وفقا لفئات البلديات، على ألا يزيد على ثلاثين عضوا يختار ثلثاهم بالانتخاب، ويعين الثلث الآخر بقرار من الوزير. وبذلك ارتفعت نسبة المنتخبين لتصل إلى الثلثين بدلا من النصف، وهذا الحكم النظامي الجديد يمنح المواطنين ذكورا وإناثا من خلال مرشحيهم في المجلس سيطرة كبيرة في اتخاذ القرار بالمجلس الذي يصدر بالأغلبية، وهو ما يعني تعزيزا كبيرا لإشراك المواطنين في صناعة القرار في مجالات العمل البلدي والتخفيف من المركزية، فضلا عن المزيد من الشفافية في صنع السياسات واتخاذ القرارات في العمل البلدي.
وحدد النظام الأفعال التي يعاقب مرتكبها سواء بالسجن أو بالغرامة أو كلتا العقوبتين، وأنه يترتب على بعض الأفعال استبعاد المدان من الترشح لعضوية المجلس إن كان مرشحا أو حرمانه من التصويت إذا كان ناخبا. ويتولى ضبط المخالفات الانتخابية موظفون يتم تعيينهم بقرار من الوزير، وتتولى هيئة التحقيق والادعاء العام التحقيق والادعاء في ارتكاب تلك الأفعال ورفعها أمام المحكمة المختصة، كما بيَن النظام العقوبات التي يعاقب بها عضو المجلس الذي يخالف أحكام هذا النظام وتصدر هذه العقوبات بقرار من الوزير، وأنه يجب أن تتخذ الوزارة الإجراءات اللازمة للتوعية الإعلامية وعلى الجهات المعنية التعاون مع الوزارة في هذا الشأن، وتتولى وزارة الداخلية المسؤولية الأمنية خارج مراكز الاقتراع بينما تتولى اللجان الانتخابية المسؤولية الأمنية داخل المراكز. ويمكن القول بأن هذا النظام وفر آلية نظامية متكاملة بما تضمن نزاهة العملية الانتخابية وحسن تنفيذها، ونجح في سد الفراغ النظامي الذي حدث خلال الفترة الماضية الذي لم تتمكن الوزارة خلالها من توقيع عقوبات نظامية على المخالف سوى بإجراء الاستبعاد.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا النظام ألغى كل المواد التي تتعلق بالمجالس البلدية من نظام البلديات والقرى الصادر عام 1397هـ، ومن المتوقع أن يبدأ العمل به قريبا بعد أن تنتهي وزارة الشؤون البلدية والقروية من إعداد مشروعات اللوائح التنفيذية للنظام. ويقترح على سمو الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز وزير الشؤون البلدية والقروية أن تعرض الوزارة عبر موقعها أو خلال ورش عمل مسودات هذه اللوائح للمشاركة في إبداء المرئيات على تلك المسودات للراغبين من المواطنين والاستفادة من مرئياتهم وذلك على غرار ما قام به عدد من الجهات الحكومية، من بينها الهيئة العامة للسياحة والآثارعندما عرضت مشروعات اللوائح التنفيذية لنظام السياحة الذي صدر أخيرا على موقعها الإلكتروني واستطلعت مرئيات المواطنين.
ولعل من نافلة القول الإشارة إلى أنه بعد صدورهذا النظام وقرب تطبيقه، ازدادت أهمية إسراع وزارة الشؤون البلدية والقروية في إطلاق حملة إعلامية للتوعية بأحكام هذا النظام والآثار المترتبة على تطبيقه وحقوق وواجبات الناخبين والمرشحين والعقوبات المقررة، وكذلك التوعية بأهمية مشاركة المواطنين في العملية الانتخابية المقبلة للمجالس البلدية وانتخابهم للكفاءات القادرة على القيام بهذه المسؤولية الكبيرة وضرورة مراعاة المصلحة الوطنية ووجوب الابتعاد عما يتنافى معها؛ وذلك لتتمكن المجالس البلدية من القيام بدورأكبر وأكثر فاعلية في متابعة وتطوير منظومة الخدمات البلدية.