المخزون .. الداء والدواء

تعتبر دورة المخزون من أكثر المؤشرات التي يهتم بها المحللون الماليون في إدارات الشركات والمصارف لتقييم مدى فاعلية إدارة الشركة لمواردها ـــ أصولها المتداولة ـــ لتقليل التكلفة وسرعة دورة المخزون وإذا كنت ممن سيقدمون على إنشاء مشروع يعتمد على المخزون ـــ تجارة أو صناعة ـــ فهذا المقال يصب في دائرة اهتماماتك حتما وربما سيضيف لك ما يفيدك في اتخاذ قراراتك في إدارة المخزون، فكلما ارتفع ناتج قسمة المبيعات على المخزون أصبحت الشركة في وضع أفضل والعكس صحيح، وهذا يحدث من خلال أمرين فإما زيادة المبيعات وإما تقليل مخزون نهاية المدة، وبما أن هذا الكلام يبدو ورديا ـــ وهو كذلك ـــ وغير مناسب إلا للتنظير فقد كتب الكثير من أصحاب التجارب بعض النصائح للتقليل من خطورة تضخم المخزون.
تكمن خطورة المخزون ــــ لا ينطبق على النشاطات الخدمية ـــ في أنه سلاح ذو حدين فمن دون المخزون لا تستطيع متاجر التجزئة أن تبيع، ولا المصانع تستطيع أن تنتج، وبالمقابل، فإن ارتفاع المخزون في قائمة المركز المالي يعكس ضعفا في الإدارة الفنية للمنشأة ما يتسبب في نقص السيولة وبالتالي التعثر. وحتى يكون الأمر واضحا أكثر لكل مقبل على إنشاء مشروع تجاري أو صناعي، فإن تكلفة المخزون لا تعني تكلفة شرائه فقط، فلو فرضنا أنك تستورد البضائع لمتجرك أو مواد خام لمصنعك فكل هللة تدفعها لوصول المخزون لمخزنك تدخل مباشرة في تكلفة المخزون. ما لا يلتفت له الكثيرون في هذا الجانب أن هناك تكلفة للتخزين، فرواتب عمال المستودع وجميع المصاريف النثرية وتكلفة الإيجار تدخل في هذه التكلفة، ما يؤثر سلبا في هامش الربح، وقد يزيد الأمر سوءا إذا كانت تكلفة المخزون متذبذبة كأسعار السكر والبن مثلا أو ذا تاريخ محدود للصلاحية، ففي هذه الحالة يستخدم أسلوب إدارة المخزون أن ما يشترى أولا يصرف أولاFirst in First out، ويستخدم أسلوب ما يشترى آخرا يصرف أولاLast in First out في حالات نادرة معظمها يتعلق بالقانون الضريبي. أما المصانع الكبيرة مثل مصانع الطائرات أو الكمبيوتر مثل ديل، فتستخدم طريقة ــــ طلب المخزون وقت استخدامه ــــ Just in Time ــــ إما لكون تكلفة المخزون كبيرة وإما لأن المخزون حساس جدا لظروف التخزين، لكن هذا يتطلب وجود جميع الموردين على مسافة قريبة من المصنع، أو الربط الإلكتروني بين المصنع والمورد.
إن أفضل عناصر الإدارة الناجحة للمخزون في المنشآت التجارية والصناعية هو أولا: الاعتماد على نظام إلكتروني لإدارة المخزون لتحديد مستوى المخزون الاستراتيجي ونقطة إعادة الشراء والحد الأعلى للمخزون. ثانيا: تفنيط عناصر تكلفة المخزون ومحاولة إيجاد طرق عديدة لتخفيض بعضها. ثالثا: الشراء الآجل، وهذا سينعكس إيجابيا على الدورة النقدية. رابعا: وهو الأهم، الاعتماد على نظام محاسبي فاعل من اليوم الأول للعمل، وإهمال هذا الأمر يؤدي دائما إلى كوارث كبيرة، فالمنشأة التي تعمل بلا نظام محاسبي فاعل كالسيارة التي تسير ومؤشر الوقود لا يعمل، قد تقف فجأة دون أي مقدمات. المخزون كمعدة الإنسان، فقد يكون هو بيت الداء، وقد يكون هو الدواء، والإدارة الكفؤة للمخزون هي عنصر مهم من عناصر ارتفاع ربحية المنشأة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي