تمويل منشأتك بين الاقتراض والشراكة

خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر أي منشأة، تكون هناك فرص كبيرة للنمو أمام صاحب المنشأة، فإما أن يكون الطلب على ما تقدمه المنشأة من خدمات أو منتجات أكبر من قدرة المنشأة المالية واللوجستية، أو أن تكون السنوات الثلاث الأولى قد شحذت صاحب المنشأة بالخبرة والرؤية الكافية لتحويل المنشأة من منشأة تحاول أن تنجح وتبقى إلى منشأة تستطيع أن تحقق نجاحا مميزا، إما عبر تطوير المنتج أو الخدمة، أو عن طريق إعادة ابتكار عملية الربط بين جميع أجزاء المنشأة ــــ وهو ما يسمى بالنموذج التجاري. المهم أن صاحب المنشأة سيواجه هذه الحقيقة، والتي تضطره للبحث عن مصادر تمويل حتى يتمكن من وضع منشأته على بداية طريق النجاح.
سيكون أمامك كصاحب منشأة أحد خيارين، الأول البحث عن جهة إقراض خاصة أو حكومية لتمويل منشأتك، وهو عبارة عن إجراء طويل ومعقد قد يأخذ من وقتك وجهدك عاما كاملا، وخلال هذا العام قد تكون أنت خارج السوق تماما. المشكلة لا تكمن في الوقت الذي ستستغرقه في البحث والحصول على تمويل فقط، بل تكمن المشكلة في أنك اقترضت بناء على تجربتك والنتائج التي توصلت إليها في أن هذا التمويل سيكون المحرك الرئيس وراء إعادة هيكلة نموذجك التجاري الذي سيوصلك للنجاح ـــ زيادة المبيعات أو تحقيق أرباح ـــ ولكن ماذا لو لم تنجح هذه الهيكلة الجديدة؟ ولو نجحت هذه الهيكلة، من سيضمن لك عدم تغير ظروف السوق المحيطة بك؟ وهل ستتمكن من إعادة دفع القرض في وقته مع تغير الظروف المحيطة بك؟ إن معظم جهات الإقراض التي تركز على تمويل المنشآت الصغيرة لا تراعي هذه الظروف المتغيرة، وقد ينتهي الأمر بك ببيع منشأتك والخروج من السوق للوفاء بهذا القرض. إذا، لا يمثل الاقتراض خطورة عالية بالنسبة لجهة الإقراض فقط، بل يمثل خطورة عالية عليك كمقترض أيضا.
الخيار الثاني الذي سيكون أمامك هو البحث عن شريك للدخول معك في منشأتك، وعلى الرغم من أن الكثير لا يؤمن بهذا الخيار، لأنه يرى أنه سيتنازل عن جزء من حلمه لشخص آخر لم يتحمل عبء إنشاء المنشأة وتجاوز مرحلة بناء المنشأة بنجاح، إلا أن هذا الشعور يجانب الصواب تماما. إن بيعك لجزء من منشأتك سيكون مقابل مبلغ مالي، أي أنك لن تتنازل عن هذا الجزء دون مقابل، بل ستبيع هذا الجزء بمقابل مادي، يكون الجزء الأكبر منه للمنشأة والمتبقي سيكون لك. ولاعتبار هذا الخيار أقل خطورة من الخيار السابق، لأنك في الخيار السابق تضع كل حلمك تحت خطر الزوال، بينما هنا أنت تأتي بشخص يشاطرك هذا الحلم وخطورته. فهنا بعض النصائح التي يجب عليك وضعها في ذهنك خلال البحث عن شريك. أولا: أنت لا تبحث عن شريك يمولك فقط، بل تبحث عن شريك استراتيجي تستفيد من خبرته وعلاقاته وملاءته المالية لدعمك في المستقبل. ثانيا: لن تستطيع إقناع أي مستثمر للدخول معك كشريك إن لم تكن مبيعاتك السنوية مقبولة وأن تكون نسبة النمو في المبيعات كبيرة بشكل كاف لإغراء المستثمرين. ثالثا: يجب أن يكون هامش الربح الإجمالي يتجاوز 30 في المائة من المبيعات، وهذا يحتم عليك إيجاد طريقة أو عدة طرق لتخفيض تكلفة المبيعات. رابعا: لا تبالغ في تقييم منشأتك، ولا تتجاوز بأي حال من الأحوال خمسة مكررات لأرباحك لتكون الفرصة مغرية للمستثمر، بمعنى، إذا كان متوسط صافي الربح خلال ثلاث سنوات هو 100 ألف ريال، فقيمة المنشأة الكلية لا تتجاوز 500 ألف ريال كحد أقصى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي