كيف تبني شركة ناجحة

في مقال الأسبوع الماضي كتبت هنا ما يفضي إلى أن تمويل أي منشأة ناجحة من خلال مستثمرين أفضل من تمويلها من خلال الاقتراض، لأن الاقتراض يعد عالي الخطورة في مرحلة التأسيس. ولقد أثار هذا المقال نقاشا مع البعض في أن الاقتراض لن يؤثر في حصة صاحب المنشأة، بينما في حالة دخول مستثمر فإنه سيأخذ حصة لا بأس بها من المنشأة، وربما يتدخل في إدارة المنشأة ويقيد صاحبها، هذا عوضا عن الخلافات التي قد تتسبب في إغلاق المنشأة.كل ما قيل أعلاه صحيح وواقعي، وله احتمالية لا بأس بها في أن يقع بالفعل، ولكن هل هذه الاحتمالات غير موجودة في خيار الاقتراض؟ بل هي موجودة بالكم والكيف نفسه. عادة ما تشترط حاضنات الأعمال على من تمولهم عدم توزيع أي أرباح على مالك/ ملاك المنشأة إلا بعد الوفاء بكامل القرض، كما تشترط أيضا عدم الحصول على أي تمويل آخر ــ عبر قرض أو استثمار ــ إلا بعد الحصول على موافقتها مسبقا، هذا عوضا عن اشتراط عدم شراء أي أصول ضخمة إلا بعد أخذ موافقتها. ولو تعثرت المنشأة ــ لا سمح الله ــ فإن أول ما ستنظر إليه حاضنة الأعمال هو كيف تستعيد القرض. وما يجعل الحصول على استثمار ــ شريك ــ أفضل هو أن الشريك يشاركك في المخاطرة بالقدر نفسه الذي سيشارك به في الأرباح، كما أن استمرار المنشأة ونجاحها هو هدف مشترك لكلا الطرفين، وهو الأمر المهم الذي لا يتوافر في حالة الاقتراض.
ولبناء شراكة ناجحة معك كصاحب منشأة صغيرة ناشئة أو نامية، لا بد أن تأخذ في عين الاعتبار الأمور التالية:
1 ـ لا تبحث أبدا عن شريك يملك المال فقط، فالمال متوافر لدى كثيرين، وهناك كثير من أصحاب المال يبحثون عن فرص استثمارية، خصوصا في ظل انخفاض العائد على العقار لـ 6 في المائة وانخفاض الفوائد على الودائع لأقل من 3 في المائة. بل يجب عليك أن تبحث عن شريك يملك المال والخبرة والعلاقات التجارية في مجال عمل منشأتك نفسه، فهذا سيوفر عليك كثيرا من ارتكاب الأخطاء وكثيرا من الوقت والجهد.
2 ـ ابحث عن شريك له تجارب ناجحة وكبيرة، لأن الشراكة مع الناجح تجعلك أقرب إلى النجاح، وعادة ما توفر لك مصادر النجاح التي تحتاج إليها ــ كالخبرات الإدارية والتسويقية.
3 ـ تجنب أي شراكة مع موظف، وابحث عن شراكة مع من مر بتجربة مشابهة لتجربتك، ابحث عن شخص عصامي بدأ مشروعه التجاري بنفسه، لأن الموظف ــ عادة ــ لا يستطيع أن يتفهم العقبات التي قد تواجهها أو تواجهها أي منشأة في بدايتها، ولا يستطيع فهم وتقدير المخاطر، لأنه دائما في مأمن من تقلبات السوق وتغير الظروف المحيطة بالمنشأة.
4 ـ لا تبحث عن شريك في سنتك الأولى إلا بعد أن تحقق حجم مبيعات يجعل من منشأتك فرصة استثمارية واعدة لأي مستثمر، واحرص على تحقيق ذلك عبر ترشيد التكاليف لتتمكن من تحقيق بعض الأرباح، لأن تحقيق أي منشأة أرباحا خلال عامها الأول يعد مؤشرا إيجابيا ومغريا.
ولا تنس أن التوكل على العزيز القدير هو أهم من كل ما سبق، والنجاح لا يبنى إلا على التجارب الفاشلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي