رسالة لعبدالله بن عبدالعزيز

كم هو صعب اختزال شخصية عظيمة مثلك يا خادم الحرمين في مقال لا يتجاوز عدد كلماته 450 كلمة، إلا أنك يا سيدي رقم صعب في حياتي وحياة الكثير من الشباب السعودي الذين ملأتهم بحبك وأبوتك، ومن الصعب أن ترحل عنا دون أن نوفيك حقك، ولو بعد رحيلك المؤلم، لأنك كنت تقول "ما أنا إلا خادم لهذا الشعب وما أفعله هو واجب علي".
منذ عام 2005 وهو العام الذي اعتليت فيه عروش قلوب شعبك قبل عرش الحكم، وأنت تضع اللبنة على اللبنة تعبد لنا طريقنا لنشقه نحو التقدم والتطور، فحصنتنا بالعلم، فكان قرارك بفتح برامج الابتعاث لأبناء شعبك هو اللبنة الأولى لتغيير مستقبل هذا البلد للأفضل، فقد وضع هذا القرار مفتاح التقدم العلمي والعملي بيد كل مواطن وداخل كل بيت في المملكة، فلا يكاد يخلو بيت في بلدنا من مبتعث أو اثنين ذكورا وإناثا، وكأنك كنت تنادي فينا أنتم الثروة الحقيقية لهذا البلد، لنصل إلى أكثر من 200 ألف مبتعث في شتى أصقاع الأرض.
لقد رحلت عنا يا سيدي ونحن أقوى عزيمة وهمة، وأحجى فكرا، فقد آمنتَ بالمرأة السعودية، وكان قرارك الشجاع والتاريخي بدخول المرأة السعودية في أعلى المناصب الوزارية ولمجلس الشورى والمجالس البلدية قرارا تاريخيا، لن ينساه لك مواطنوك أبدا. لقد تعلمنا منك يا أبا متعب أن أفضل الطرق لمواجهة مشاكلنا هو الصراحة، وكان حديثك دائما صريحا ومباشرا، وما برامج تطوير القضاء والتعليم إلا نتاجا لصراحتك وشجاعتك، بل لم تتوان يا سيدي في استحداث هيئة لمكافحة الفساد، لتقول للجميع إن القانون فوق الجميع. إن ما زرعته في هذا الوطن خلال العقد الماضي من مشاريع علمية وتنموية واقتصادية واجتماعية كان معجزة بكل المعايير، وسيشمر عما قريب عن نهضة علمية اجتماعية اقتصادية، تجعلنا في مقدمة الدول النامية.
لقد غيرت يا سيدي وجه هذا البلد جذريا، فلا تكاد تخلو ناحية من نواحي هذا البلد من مشروع أساسي أو تنموي، لتتحول كل البلد إلى ورشة تنمية ضخمة تشمل المستشفيات والجامعات والمدارس، ولن ننسى أن هذا التغيير والتطوير بدأ بقرار منك، ونفذته أيادي رجالك المخلصين. سنقف بعد عشر سنوات وننظر لهذه الحقبة بشكل أوضح، وسنعرف جيدا أنك واجهت الكثير من التحديات الداخلية والخارجية، وأن ما تحقق على يديك لم يكن سهلا أبدا، بل كان نتيجة إصرارك وإخلاصك وإيمانك بأن شعبك لن يخذلك.
رحمك الله يا أبا متعب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي