مؤسسات المجتمع المدني والتنمية الاجتماعية
تلعب الجمعيات والمؤسسات الأهلية دوراً حيوياً في المجتمع كإحدى أهم المؤسسات التي يقوم عليها المجتمع المدني الحديث، وتتجلى أهميتها في الدور المسؤول والبناء الذي تؤديه في المجتمع، بما تمتلكه من خبرة ومقدرة في مجالات لها أهمية خاصة في عملية التنمية المبنية على مشاركة المواطنين ذكوراً وإناثاً في إدارة الشؤون المحلية والتنمية الاجتماعية، لتنفيذ دورها المأمول في التنمية بجانب مؤسسات المجتمع الأخرى، إضافة إلى ما تحققه من إيجاد قنوات منظمة يستطيع من خلالها المواطنون المشاركة في تنمية وطنهم، فضلا عن مساهمتها في الحد من بعض ما يظهر من التجمعات التي تقوم على أساس مناطقي أو قبلي أو غيره من الروابط التي تتعارض مع الرابطة الوطنية ومفهوم الدولة الحديث.
وقد جاء مشروع نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية شاملاً لتنظيم متكامل بداية من إجراءات وشروط تأسيس هذه الجمعيات والمؤسسات والترخيص لها والإشراف عليها ومساندتها ومراقبتها، وانتهاءً بأسباب وطرق وإجراءات حلها، ودرس هذا المشروع من قبل هيئة الخبراء في مجلس الوزراء ومجلس الشورى حسبما ورد في عدد من الصحف المحلية، غير أنه لم ير النور بعد. ومن المؤمل بعد إنشاء مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يتولى تحديد التوجهات والرؤى والأهداف ذات الصلة بالشؤون الاجتماعية والخطط التنموية اللازمة والتنظيم الإداري لذلك، أن يكون مشروع هذا النظام من بين الأنظمة التي تصدر قريبا، وأن يكون له دور كبير في التنمية الاجتماعية التي تعد من أهم مكونات التنمية الوطنية.
ويرى البعض أن مستوى الوعي بين أفراد المجتمع بدور مؤسسات المجتمع المدني لا يزال دون المستوى الذي يتطلبه نجاح تلك المؤسسات في القيام بدورها المأمول في المجتمع،وهو ربما يكون السبب الذي أخر صدور هذا النظام،غير أن ذلك لا يعني أن نمنع نشوء مثل تلك المؤسسات والجمعيات الفاعلة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ونسمح بوجود مؤسسات مجتمعية أخرى فرضها الأمر الواقع، وإنما ينبغي البدء ولو تدريجيا على الأقل في هذه المرحلة وبعد توفير الإطار التنظيمي والنظامي الذي يكفل نجاح هذه المؤسسات والجمعيات وعدم خروجها عن أهدافها التي أنشئت من أجلها.
وهناك مبادرة على مستوى الجمعيات المهنية ينبغي الإشارة إليها، ويمكن أن تكون نموذجا يحتذى به، وهو ما قامت به الهيئة العامة للسياحة والآثار من وضع أنظمة (تنظيمات) لثلاث جمعيات سياحية مهنية تساند الدولة في تنظيم الأنشطة والمهن السياحية وتطويرها، وتهدف إلى تطوير تلك المهن والأنشطة من خلال المساهمة في تهيئة البيئة الملائمة لتنمية وتطوير خدمات تلك المهن والعمل على تهيئة المناخ لتمكين الأعضاء من التطوير، وذلك من خلال تبادل الدعم والمعلومات والتعاون والتنسيق مع الهيئة والمؤسسات والجمعيات السياحية الأخرى المتخصصة في جميع المجالات، وتحسين وتعزيز النهوض بالسمعة الخدمية للمهن والأنشطة السياحية بوضع وتطوير معايير ثابتة لضمان جودة الخدمات، ونشر الوعي بهذه المعايير في المجتمع دون إخلال بالقيم الإسلامية والتراث الوطني في المملكة. وقد تضمنت تلك الأنظمة أحكاما نظامية تكفل عدم خروج تلك المهن عن أهدافها، وعدم إخلالها بالنظام العام في المملكة.
وأخيراً بقي أن نقول: إن هناك تفاؤلا كبيرا في ملف التنمية الاجتماعية، مصدره اختيار القيادة الدكتور ماجد القصبي وزيرا للشؤون الاجتماعية، وهو المعروف بحبه للعمل المؤسسي والتنظيم، وخبرته المتميزة في العمل الخيري التنموي ومؤسسات المجتمع المدني. ونأمل منه أن يغتنم القرارات المهمة التي صدرت أخيراً من الدولة، ومن بينها تشكيل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وضم صندوق التسليف والادخار إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، وأن يعمل على متابعة وتسريع إجراءات صدور نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية الذي سيحقق خطوة كبيرة في التنمية الاجتماعية، ويلبي رغبة المواطنين في الدخول في جمعيات ومؤسسات أهلية تمكنهم من المشاركة في الإدارة المحلية والتنمية الاجتماعية بما لا يتعارض مع المصلحة الوطنية، ونسأل الله تعالى أن يعين هذا الوزير القريب من الناس الذي يبعث على التفاؤل ويوفقه ويسدده في ملف التنمية الاجتماعية والمهم للوطن وقيادته والمواطنين.