تنويع محفظتك الاستثمارية

عادة ما نسمع ونردد عبارة "لا تضع بيضك كله في سلة واحدة".
وكثيرا ما نطبق هذا المبدأ في شؤوننا المالية كل حسب استيعابه لها، ومقال اليوم يحاول تفصيلها بشكل أعمق وتبيان بعض الأخطاء الشائعة في السياق الاستثماري.
بعض المصادر تنسب العبارة للروائي الإسباني "ميجيل دي سيرفانتيس" (ما بين 1547 و1616ميلادي) ويقصد بها أن الاعتماد على مصدر وحيد سواء في الرزق أو الدخل أو حتى في العلاقات يحوي مخاطر متعددة. في عصرنا انتشر استخدام العبارة في أسواق المال كناية عن أهمية التنويع Diversification في المحفظة وتوزيع الأصول بشكل متوازن لتفادي الخسائر الكلية وقت هبوط الأسعار.
ويتم تقسيم المخاطر إلى نوعين أحدهما يمكن تفاديه بالتنويع وتوزيع المحفظة بشكل متوازن Diversifable Risk.
أغلب أنواع المخاطر يمكن التخلص منها أو تخفيفها بتنويع المحفظة بين أصول مختلفة "أسهم وسندات وعقار وذهب" ومناطق جغرافية مختلفة ومتباعدة سياسيا وجغرافيا واستراتيجيا مثل شرق آسيا وجنوب أمريكا وأوروبا وأمريكا الشمالية.
من أهم المبادئ التي يعرفها أغلب المستثمرين هي أن الهدف الاستثماري يحدد الاستراتيجية المتبعة، وبالتالي إمكانية الوصول إلى العائد المستهدف وفق الخطة المحددة والزمن الاستثماري المتوقع. بمعنى أن الأصول المستثمرة تعتمد على الخطة الاستثمارية التي تخضع بدورها للهدف الاستثماري وبروفايل المستثمر "العمر، احتياجات السيولة، الالتزامات المالية، الضرائب، تاريخ التقاعد... إلخ".
ورغم معرفتهم لذلك فإن أغلب المستثمرين الأفراد لا يتقيد بالخطة ولهذا عدة أسباب "دون ترتيب".
- ثقافة الكسب السريع سواء بالمضاربة أو التداول المستمر فتجد المستثمر حتى لو كان متبعا لخطة واضحة تأتيه مؤثرات خارجية من الإعلانات والأصدقاء والمتداولين لتغريه بنبذ الخطة أو حتى تخصيص جزء جانبا للتداول أو المضاربة على أن كسبها أسرع وأضخم.
- أحداث وتقلبات الأسواق تؤثر في نفسية المستثمر فتجده يتصل بالموظف ويتساءل باستمرار عن وضع استثماراته وأحيانا يتأثر بأخبار السوق فيقوم بعمليات بيع أو شراء تخل بتوازن المحفظة والخطة الطويلة الأجل.
-الظروف والطوارئ المالية المفاجئة فيقوم المستثمر بسحب استثماراته أو جزء منها لسد احتياجاته الطارئة، وهنا ينبغي معرفة أن الاستثمار فقط لما يمكن الاستغناء عنه لفترات طويلة نسبيا مثل ثلاث سنوات فأكثر، وأنه خلال هذه الفترة لابد من وجود تقلبات طارئة تستلزم الإنفاق، لذا أنصح دائما بإنشاء "صندوق الطوارئ" وهو ادخار ما يعادل ستة أشهر على الأقل من الدخل الشهري جانبا تحسبا للظروف الطارئة.
وبشكل عام أنا من الذين يفضلون الالتزام بخطة طويلة الأجل أقوم بمراجعتها كل ستة أشهر، وهذا لا يعني أنني لم أقع في بعض الأخطاء السابقة لكن بعد أن مررت بعدة سقطات عرفت أن تكرار الحياد عن الخطة يكلفني أكثر من الكسب المأمول ومن الأمثلة المتكررة هي ظهور سهم شركة واعد والقيام ببيع استثمارات طويلة الأجل من أجل كسب سريع. قد يحالفنا الحظ مرة لكن إحصائيا ثبت أن تكرار التداول "حتى بالعوائد الإيجابية" تكلفته مرتفعة "عمولات التداول" وفي النهاية نجد العائد إما متساويا وإما في مصلحة الخطة الثابتة.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي