أكتوبر .. شهر سرطان الثدي

شهر أكتوبر هو شهر التوعية بسرطان الثدي للمرأة في العالم. والحقيقة أن العلم والطب قطعا شوطا كبيرا في محاولة التغلب على المرض ومعرفة مسبباته وابتكار وسائل للحد من الإصابة به بشكل استباقي.
ووفقا للإحصاءات فإن السبب الأول لوفيات النساء عالميا هو أمراض القلب يليها مختلف أنواع السرطان (المصدر: National Center for Health Statistics)، ومن بين أنواع السرطان يأتي سرطان الرئة في الترتيب الأول للوفيات يليه سرطان الثدي. ومن الواضح أن السيدات يخشين سرطان الثدي والسبب هو ارتفاع نسبة الوعي به إضافة إلى النشاط الهائل لمجموعات التوعية النسوية والطبية في العالم.
كتبت هذا الشهر في مجلة Destination Jeddah عن دور المبادرات التوعوية في المملكة وكيف أصبحت تتسابق بشكل مبتكر لنشر الوعي وثقافة الفحص المبكر بين نساء المملكة مثل جمعية الزهرة لسرطان الثدي ومبادرة aks10 التي أطلقتها الأميرة ريما بنت بندر والدكتورة موضي بترجي ولاقت نجاحا باهرا وكيف أن كوكبة من نساء جدة والرياض يقمن الفعاليات ويعقدن الشراكات مع المؤسسات الربحية واللاربحية لتقديم المحتوى بشكل يصعب تجاهله. من الجميل أيضا رؤية أمثلة بارزة من السيدات المصابات المتعافيات مثل الدكتورة سامية العامودي، التي أصبحت مثلا يحتذى به في العزيمة والتغلب على المرض والتوعية به.
خلال الأسبوع الماضي كان لي لقاء مع الطبيبة السعودية الدكتور ملاك عابد وهي طبيبة متخصصة في الأمراض الجينية الجزيئية molecular genetics pathology وتحديدا دراسة التغيرات الجينية المسببة للسرطان، وتعمل كباحثة ومحاضرة في كلية طب جامعة هارفارد ومستشفى Women's&Brigham الشهير ببوسطن وحاليا بمدينة الملك فهد الطبية بالرياض. فدار حديثنا حول موضوع سرطان الثدي وكيفية الوقاية منه وطرق التغذية السليمة لممارسة الرياضة والابتعاد عن التدخين (الذي يرتبط مباشرة بسبب الوفاة الأول: سرطان الرئة). وبالسؤال عن تخصصها شرحت لنا أن السرطان هو مرض جيني (يختلف عن كلمة وراثي) متصل بأسلوب المعيشة. ويهدف التخصص إلى دراسة الطفرات الجينية التي تحدث في حياة الإنسان وتسبب الإصابة بالمرض مباشرة، ويجدر الذكر أن هذه التحولات الجينية mutations يتم اكتشافها واحدا تلو الآخر في معامل الجامعات والمراكز البحثية الكبرى وتكمن أهميتها في تطوير علاجات متطورة تستهدف القضاء على المرض بشكل نوعي Targeted Therapy للقضاء على نوع السرطان المحدد وهو ما يسمى الطب النوعي Precision Medicine.
سألتها أيضا عن سبب ارتفاع تكلفة تشخيص وعلاج السرطان، فأجابت بأن عملية التشخيص تتضمن زيارات المستشفى والتحاليل والأشعة والجراحة والتنويم، أما تكلفة العلاج فتكمن في الأبحاث الدوائية وإنتاج العقاقير إضافة إلى تسابق شركات الدواء في البحث والتطوير وبالتالي يتم تحميل الفاتورة النهائية على المريض. ولحسن الحظ فإن معظم شركات التأمين الطبي تتحمل أغلب نفقات علاج وتشخيص السرطان إضافة إلى بعض المراكز الطبية. أيضا تذكرنا الطبيبة بأهمية عدم تداول الشائعات الساذجة مثل اكتشاف علاج نهائي للمرض، التي تنتشر في الواتساب خاصة ويصدقها الكثير ويدفعون ثمنا باهظا نتيجة الجهل بالحقائق العلمية. نسأل الله أن يشفي جميع المرضى ويعجل بوسائل القضاء على المرض.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي