أهمية العناية ببيئة العمل لاستقطاب الكفاءات ونجاح المؤسسة
العناية باستقطاب الكفاءات هدف لكثير من المؤسسات التي تسعى إلى التفوق في مجال عملها، واستمرار النمو وتحقيق الاستدامة في نشاطها والاستمرار في الابتكار والإبداع والتجديد الذي يحقق استمرار تحقيق المفاجآت التي يستمر معها تميز المؤسسة بين منافساتها، تسعى المؤسسات إلى استقطاب الكفاءات بوسائل مختلفة لتحقيق أهدافها، وتتخذ من أجل ذلك مجموعة من الامتيازات مثل الحوافز المالية المباشرة منها الرواتب والبدلات والمكافآت وحوافز للأداء السنوية، أو الامتيازات التي لا تمثل مقابلا ماديا مباشرا وهذا ما يهتم به كثير من المؤسسات باعتبار أنه يحقق لمثل هذه المؤسسات استقرارا للقيادات والكفاءات.
أحد أهم أسباب استقرار الكفاءات في المؤسسات بصور عامة الاهتمام ببيئة العمل باعتبار أن العناية ببيئة العمل لا تؤدي فقط إلى استقطاب الكفاءات واستبقائها بل تجعها أكبر عطاء وجهد من أجل الإبداع والتطوير المستمر، إضافة إلى الولاء للمؤسسة التي تجعل من الموظف يعمل وكأنه شريك وليس أجيرا يحرص على مصلحة المؤسسة ويهتم بأن يستمر بها التفوق والتميز.
تقرير شركة Great Place to Work® المتخصصة في مجال الأبحاث والتدريب والاستشارات، الذي أعلنت فيه "قائمة أفضل بيئة عمل" في المملكة العربية السعودية لتشمل 15 منشأة استحقت وبجدارة الوصول إلى القائمة الوطنية في عامها الثاني.
تم الإعلان عن المنشآت الـ 15 التي تأهلت للإدراج في قائمة "أفضل بيئة عمل" لعام 2015 بعد منافسة عادلة شارك فيها أكثر من 98 منشأة سعودية. حصل على المركز الأول شركة "إي إم سي / EMC" العالمية ومن ثم تلتها شركة "إريكسون السعودية / Ericsson KSA" في المركز الثاني. كما حصلت شركة "أبفي / AbbVie " على المرتبة الثالثة. المنشآت الثلاث الأولى هي شركات عالمية، لكن نجحت سبع شركات محلية في منافسة الشركات العالمية على المراتب الـ 15.
الأمر المميز في القائمة هو وجود صندوق المئوية وهي مؤسسة مستقلة غير ربحية تعنى بتمويل مشاريع الشباب، تأسست بموجب الأمر الملكي رقم 190/أ في عام 1425هـ. وسمي صندوق المئوية لإطلاقه خلال احتفال المملكة بمرور 100 عام منذ تأسيسها على يد المؤسس لهذه البلاد الملك عبد العزيز. وهذا يشجع المؤسسات غير الربحية على أن لديها الإمكانات التي يمكن أن تشجع على استقطاب الكفاءات لها ما يطور ويزيد من كفاءة وفعالية نشاطها، خصوصا أن الفكرة السائدة عن المؤسسات غير الربحية عدم قدرتها على استقطاب كفاءات مميزة متفرغة، بل تعتمد بصورة كبيرة على متبرعين بأوقاتهم ما يؤثر في أداء تلك المؤسسات وينعكس عليها بأثر سلبي. وصندوق المئوية حقق مركزا متقدما بأن حل بالمرتبة السادسة بين أفضل 15 مؤسسة بحسب تصنيف شركة " Great Place to Work®". من المؤسسات التي ظهرت في القائمة لجنة المساهمات العقارية التي حلت في المرتبة الـ 14، هي لجنة حكومية تابعة لوزارة التجارة تسعى إلى إنهاء موضوع المساهمات المتعثرة بالمملكة، ورغم أن اللجنة تذيلت تقريبا القائمة إلا أنها تعتبر ضمن الأميز في بيئة العمل، وهذا أمر غير معتاد في كثير من القطاعات الحكومية، ووجود اللجنة قد يكون له أثر في تشجيع مؤسسات حكومية أخرى للمنافسة خصوصا التي تقدم خدمات للمواطنين، مثل أمانات المناطق. من الملاحظ في القائمة أنها لم تضم المؤسسات شبه الحكومية أو المؤسسات الحكومية التي تعمل بأنظمة مختلفة عن أنظمة الخدمة المدنية في التوظيف، والتي كان من ضمن أهدافها أن تنفك عن نمط المؤسسات الحكومية البيروقراطي من أجل أن تتمكن من استقطاب كفاءات مميزة ما ينعكس على أدائها وهذه المؤسسات تجمع كثيرا بين امتيازات القطاعات الحكومية بالأمان الوظيفي إلى حد ما، إضافة إلى امتيازات لا تقدمها المؤسسات الحكومية غالبا مثل بدل السكن والتأمين الصحي وهذه المؤسسات يفترض أن تكون منافسة بشكل كبير ولكن عدم وجودها يثير تساؤلا حول كفاءة إداراتها في تحقيق الرضا الوظيفي لمنسوبيها وتحقيق العدالة فيما بينهم وتشجيعهم على المزيد من العطاء والجهد والبذل بما يعزز من كفاءة تلك المؤسسات.