الحدائق العامة .. وأمانات المدن «2»

تحدثنا في المقال السابق عن أهمية صيانة المرافق العامة في المملكة وكيف أن الدولة ترصد مبالغ كبيرة لإنشائها لكن إدارتها وصيانتها من قبل البلديات تتطلب جهدا كبيرا ولا تزال النتائج دون المأمول.
إن الحفاظ على الحدائق والمنشآت العامة من أهم السلوكيات التي يجب ترسيخها في ذهن المجتمع بشقيه المواطن والمقيم.
حجم الإنفاق على الصيانة والتحسينات قد يتجاوز عشرات الملايين للمدينة الواحدة لكن للأسف لم أجد في موقع الأمانة أو وزارة المالية الأرقام الخاصة بهذا البند.
هي عبارة عن سندات أو صكوك تصدرها جهة حكومية "أمانات أو بلديات أو غيرها" لتمويل نفقاتها ومصروفاتها على المشاريع. وبهذا يكون المستثمر قد أسهم في تمويل مشروع قطاع عام بضمان الجهة المصدرة للسند "في هذه الحالة أمانات المدن". ومقابل هذا إقراض، تقوم الجهة المقترضة بتوزيعات نقدية دورية على مشتري السند "المقرض" وتسمى "كوبونات".
ومن مزايا تنويع سبل التمويل للمشاريع البلدية:
- المحاسبة والشفافية في إدارة الأصل وهو الحدائق والمرافق العامة.
- التوجه إلى خصخصة إدارة خدمات الحدائق ما يحسن العائد الاستثماري فيها ويخفف الأعباء المالية على ميزانية الدولة.
- تنويع قاعدة أصول استثمارية في السوق السعودية.
- تخفيف التكدس على شراء الأسهم والعقار.
- إضافة إلى إيجاد نوع من المساءلة بين المواطنين أنفسهم، حيث يصبحون قادرين على مراقبة السلوكيات البشرية فيما يتعلق بالنظام والنظافة في الأماكن العامة.
ويتم التمويل باستخدام السندات البلدية في مشاريع الإنشاء والتعمير المدرة للدخل مثل الجسور والطرق السريعة Toll Highways التي يمكن بسهولة تأسيس قاعدة دخل من خلال مرور السيارات، حيث يقوم الدخل الناتج بإعادة تكلفة السندات في مدة زمنية معلومة مسبقا وتوفير ما يلزم باستمرار لصيانة المرافق وتحسينها. أيضا في إطار مكافحة الفساد الإداري، وهو ما تشدد عليه الدولة -يصعب في هذه المشاريع ومن خلال هذه الهيكلة المالية اختفاء الأموال بفضل المحاسبة الدقيقة من خلال المستثمرين والمراقبين المستقلين، حيث إن المستثمر سيتسلم عوائد استثماره بشكل منتظم ولن يكون هناك مجال لتأخير المشروع أو إساءة تقدير التكلفة أو تعثر المقاول لأن الجهاز بأكمله يعمل لمصلحة دورة رأس المال ومجموعة المستثمرين. وتنقسم السندات البلدية إلى نوعين: "سندات بضمان التزام عام بالوفاء" و"سندات إيرادية". وتضمن السندات ذات الالتزام العام بالوفاء بالقدرة الضريبية والاقتراضية للبلدية المصدرة للسند. أما السندات الإيرادية فيضمنها الإيراد المتحقق من مشروع معين تقوم البلدية بتنفيذه، وهي الفئة المستهدفة لمشاريع الإدارة والتشغيل المستمر في المدن.
من حيث العائد الاستثماري تعتبر السندات البلدية في الخارج فئة أصول مناسبة للمستثمر الذي يبحث عن دخل متوسط منتظم ويتراوح العائد السنوي عليها بين 2 في المائة و 5 في المائة، وهو عائد معقول للفئة العمرية من الأربعينيات فأكثر والمتقاعدين وغيرهم من مستثمري المخاطر المتوسطة.
ذكرت أمانة مدينة جدة أكثر من مرة أنها تقوم بإتمام إنشاء الحدائق وفقا للميزانية المالية المتوافرة سنويا. فإذا كانت الأمانة غير قادرة على إتمام مشاريع الحدائق بسبب قصر الميزانية، فمن البديهي أنها لن تتمكن من صيانة وتشغيل هذه الحدائق باستمرار ناهيك عن الاستفادة منها بشكل ربحي واستراتيجي فعال.
النقطة الثانية هي المحافظة الأمنية على الحدائق من العبث والتخريب، وقد شكا مسؤولو الأمانة إعلاميا من عبث المخربين الذي وصل إلى حد الإحراق والتكسير حتى قبيل افتتاح الحديقة رسميا، ويجدر التساؤل هل الأمانات قادرة فعليا على حماية الحدائق من هذا التعدي؟ هل لديها الميزانيات الكافية لتجهيز كل حدائق بحراسة ومراقبي نظام ونظافة لمدة 16 ساعة في اليوم مثلا؟ أشك في هذا.
لذا كان من المهم إيجاد وسائل تمويلية بديلة وإحالة إدارة هذه المنشآت المهمة إلى القطاع الخاص مناصفة مع الأمانات بشكل يحقق الفائدة المأمولة للمواطن والدولة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي